في بلد يعاني من الجفاف، سيذهب بك خيالك الجامح، فتفترض بأن سقوط كميات كبيرة من الثلج سيكون مشهداً احتفالياً. كيف لا وقد عانى الأردنيون من موسم طالبهم بالاستحمام مرة كل أسبوعين، وذلك بناء على الفترة التي وصلت المياه للبيوت مرة واحدة فقط كل أسبوعين.
سيذهب بك خيالك الجامح أيضاً لتعتقد بأن بلداً يمتلك البحر الميت بكل أملاحه، لابد وأن يتم استعمال ملحه لمنع انجماد الطرق فيه، أليس كذلك؟
ويصل الخيال منتهاه، حين تظن أن أحداً غيرك لاحظ الأسلاك المتشابكة المتهالكة واستنتج بأنها ستتقطع وتقع لا محالة، حتى بدون ثلوج!
ولكننا وللأسف لا نمتلك رفاهية الخيال، فالثلج جاء كمشهد تتخلله عناوين عريضة للخسائر؛ أعمدة كهرباء مرماة على الأرض وأسلاك معراة ترقد على الجليد في مشهد خطير.
الطرق تعاني من الانجماد الذي يجعلك محتاراً: هل هذه السيارات نازلة من الشارع ام انها (مهورة)! كهرباء منقطعة بالأيام. وما زاد الطين بلة، أن يحدث كل هذا خلال ذروة كورونا، مما منع وصول فنيي الفحوصات لأي منزل، ومنع وصول المشتبه بإصابته لأي مختبر، وانحشر الجميع مع الجميع.
ليس الأمر امتحاناً مفاجئاً بالمناسبة، فقد انبرى لسان كل متنبئ للأحوال الجوية وهو يخبرنا بالمنخفض الثلجي، وليس الأمر زلزالاً ولا إعصاراً ولا حتى منخفضاً كبيراً.. لقد تساقطت الثلوج.. بس!
لا أعرف.. ما حدث هو اننا وبحمد الله استقبلنا بعض الثلوج، وبدل أن نغني تلج تلج عم بتشتي الدنيا تلج، صرنا نغني: مين الي سرق العمود؟