الفقر والفاقة والحاجة واصحابها من الملهوفين والمعوزين والمشردين والمهمشين والهائمين على وجوهم لسوا صفرا على اليسار بل هم شريحة واسعة وكيان بائس محروم لا يدركه ولا يعرفه حق المعرفة الا من عاش الفقر وألمه ووجعه وامتطى دربه وتثاقلت همومه وناء بحمل ثقيل على كاهله حتى اخذ منه الهم والحزن والغبن مأخذه ورماه في أحضان اليأس والقنوط وبات وحيدا لا نجدة ولا ظهر له.
الفقر ليس مجرد كلمة عابرة وحروف خاطفة وتعبير طبيعي ومصطلح للدراسة واستخراج الأرقام والنسب المجردة من المشاعر والأحاسيس واستعراض للخطب والمقالات والمسوح وادوات البحث والتنقيب ومن ثم وضعها في غيابة الجب دون حسرة او دمعة او عاطفة.
الفقير العاجز والفقير الذي لم يجد عملا والفقير لكبر سنه وانعدام دخله وما شابههم هم وقود الحزن والحسرة في برد الشتاء القارس فلا يكادون يجدون مدفأة وان وجدت انعدم ثمن الوقود ولا يكادون يجدون طعاما وانى لهم ذلك بعد أن حصلوا على معونة لا تغطي أجرة المنزل فم أين ياتون بالباقي.
ما احوجنا إلى مؤتمر يعقد للفقراء خاصة على غرار مؤتمرات تعقد لكل الأحداث والمناسبات يشارك فيه الفقراء ليطرحوا معاناتهم الحقيقية الموجعة على ذوي الشأن فيتولد احساس بألمهم واملهم فينالوا بعض الاهتمام في سد رمقهم والحد من أحزانهم وتلبية متطلباتهم الأساسية فيعودون عن التسول والاجرام والشذوذ والتيه.