بورتريه .. الكايد المحمود ..
29-06-2007 03:00 AM
عمون – عبدالله العتوم
بين الناقل والمعبر .. سأتحدث عنه، وبين النظرية وتفسير تلك النظرية سأقف على عتبات كنا عند بواباتها شهودا، وبين الاستاذ والتلميذ وقلم الرصاص والممحاة واحرف الرصاص التي تتناولها ملاقط في مطابع الصحف لانضاج صحيفة يومية .. وصولا الى الاندهاش في الانجاز المتمثل بالكمبيوتر .. اقف امامه متأدبا مقبلا يده التي علمتني المهنة.
سأستمر في التخفي مستأذنا معتذرا بأنني مهما حاولت فانني لن اعطيه حقه، ولن انصفه في المهنة، لكننا فرحنا عندما انصفه سيدنا والوطن باضفاء لقب "معالي" لاسمه الكريم الذي ارتبط بالذاكرة بانه "المعلم" وبانه صاحب اكرم يد، واعذب نفس، يلغي الفوارق ما بين الزمان والمكان والاجمل في السهر والصخب والسفر.وصفه احد تلاميذه بأنه استاذ جيلنا .. ومزلاج قلبه هو "المعرفة" وحبه للنص الجميل واناقة ملبسه وشراء ربطات العنق وقوله "اذا استطعت الافلات من وليمة مكلفة .. فافعل" ، لكن اذا "وقعت" وعزمت فكن مضيافا واهلا لها"، وعندما يشتري "الجميد" بالشوالات وبعدد "6" واربع تنكات سمن بلقاوي كان يعجبه قول المرحوم عزيز جاسر واصفا "خروف المنسف" بانه يجب ان " يقرأ ويكتب" وعندما كنا نغادر دارته في الشميساني نغادرها محملين بالهدايا.
انحاز لنا .. وانحزنا له رغم طيبة "المكتب السياسي" الذي يرافقه في الصحيفة وناديناه "ابو العزم" واليوم اصبح شعارا فمن "على قدر اهل العزم .. وكلنا الاردن" تنبأنا بهذا الشعار منذ مطلع السبعينات.
وكان يحذرنا من خطورة ان نكتب "الاسود على الابيض" لانها الرسالة وامانة المسؤولية ويذكرنا بالذوات الذين ساهموا مع قيادتنا الهاشمية في بناء الوطن الاردني سليمان النابلسي، يعقوب عويس، شفيق ارشيدات، عبدالحليم النمر الحمود، موسى الساكت، عبدالمنعم الرفاعي، حسني فريز، د. خليل السالم، ابراهيم سكجها، عبدالرحيم عمر، احمد قطيش الازايدة، سليمان الحديدي، ابراهيم بكر، جمعة جماد، سليمان عرار، ومحمود الشريف وغيرهم.
الوالدة عائشة توفيق باشا ابو السمن طلبت من وزير الداخلية في منتصف ستينات القرن الماضي ان يسجنها مع الشيوعيين "محمد، احمد، محمود وعبدالحميد" وسماها اهل البلقاء ام الصابرين، وبعدها تحول الى الفكر القومي والناصري، الله .. ما اكبرهم الهاشميين من سجن الجفر الى كرسي الوزارة لانه ليس لديهم بواخر تبحر في المجهول.
يعشق القلم الاخضر ويكتب به، ويجيز فيه المواد الصحفية، والباسكت بول .. ويحب الغناء ويساعدنا بصدر بيت من اغنية اردنية "واللي يهوى وما بوخذ يهيل السكن ع راسه" وكان عنده فراسة بالرجال.
من زاوية سبعة ايام تخرج نخبة من الوزراء ورجال الحكم، ويردد هذه المهنة لها اصولها يا اخوان وكان يحذر من الاقتراب من ارزاق الناس لكن بمواصفات رجل الدولة، واستمر هذا التقليد فورثه عنه نادر حوراني وعبدالوهاب زغيلات.
كثيرا ما بكينا على كتفه عندما يقمعنا المكتب السياسي سليمان عرار، ومحمد العمد، اما رجا العيسى فانه دائما يقول "كونوا حيث تكون الجماهير" والغرفة السوداء لا ترحم والمتمثلة بسكرتير التحرير ومدراء التحرير محمود زين العابدين، جورج عيسى، بدر عبدالحق، سليمان القضاة، عبدالوهاب زغيلات.
ايها المعلم .. يا ابا العزم .. الاستاذ الحبيب الغالي محمود الكايد .. العمر كله.