هل يناسبنا العمل الريادي...؟
أنا أشاهد الكثير من الناس يتحدثون عن الشركات الريادية وضرورة دعم الرياديين.. والمشاريع الريادية, وأظن أن حكومة سابقة منحت مبالغ ضخمة لبعض من يسمون أنفسهم (بالرياديين)...
لكن أحداً لم يطرح سؤالاً مهما هل الأردن تمثل بيئة مناسبة للشركات الريادية وهل الاقتصاد الأردني مؤهل لاحتضان مثل هذه الشركات؟
فكرة الشركات الريادية بالأصل هي فكرة أميركية قائمة على المخاطرة, دون حسابات, وهي تحتاج لمجتمعات رأسمالية.. وتمويلات تعتمد على الفكرة أكثر منها اعتماداً على الشخص ذاته... والشركات الريادية لا تنجح جميعها, في أميركا تفشل نسبة كبيرة منها, ولكن الغاية منها إقحام الشباب في السوق.. والغاية الأكبر هي الخروج من مجتمع الوظائف إلى مجتمع الشركات الصغيرة أو الناشئة.. اختصار الأمر هي تشبه لعبة (الروليت) من الممكن أن تجني أموالاً طائلة ومن الممكن أن تخسر كل ما جنيت..
الغاية منها تحريك قطاعات شركات التمويل الصغيرة والبنوك, وخلق روح الإقدام... وهي قد تنجح في المجتمعات النفطية, في مجتمع مثل الصين.. أو تايوان لأن انهيارها من عدمه لايؤثر في الاقتصاد بمجمله.
لدينا في الأردن تنشأ الشركات الريادية في أغنى مناطق عمان وأكثرها غلاء وهو (البزنس بارك).. هذا أول انقلاب على مفهوم الريادة, الأصل أن تقوم هذه الشركات وتنشأ في الأماكن الأقل تكلفة والأكثر شعبية, لأن هنالك فارقا بين شركة رأس مالها مليون دولار وشركة ناشئة رأس مالها (10) آلاف دولار...
الأمر الآخر أننا ننظر للشركات الريادية أو للأشخاص الرياديين, على أنهم حالات مهمة ومتقدمة في المجتمع, والحقيقة أن اغلب من يقومون بإنشاء هذه الشركات في أميركا هم الذين فشلوا في الوظائف المهمة... أو الذين لا يناسبهم البيروقراط الرسمي بمعنى آخر: أن عباقرة الاقتصاد من جيل الشباب تلتقطهم الشركات الكبرى وتغدق عليهم... لدينا في الأردن هنالك التباس غريب في فهم (الريادي).. وفهم معنى الشركة الريادية, هؤلاء ليس بالضرورة أن يكونوا صفوة المجتمع.. في أميركا مثلا الأغلبية منهم.. فشلوا في القطاع العام, ومنهم من أخفق في القبول بوظائف خاصة..
لم تقدم الحكومة للان تصوراً عن رؤيتها للعمل الريادي أو الشركات الريادية في الأردن, والأغرب أن حكومة سابقة قامت بصرف مئات الالاف من الدنانير على شركة لأحدهم يتعلق عملها بالتنبؤات الجوية, صنفتها كشركة ريادية.. دون أن تفهم بالأصل معنى الريادة في الأعمال وأين نشأت وما هي الغاية منها..
في خطاب الموازنة القادم أطالب وزير المالية, بأن يقدم لنا نظرته ورؤية الحكومة لهذا النمط الاقتصادي, وكم انفقت حكومة عمر الرزاز على هذه المشاريع.. وكم فشل منها وكم استمر... يبدو أننا للان لا نفهم معنى الشركة الريادية أو معنى العمل الريادي.
Abdelhadi18@yahoo.com
الرأي