بعد عشر سنوات تقريبا سوف يدرك الأردنيون مدى النجاح الذي حققه المدير الحالي ـ المستقيل لمؤسسة الضمان الاجتماعي في إنقاذ أهم مؤسسة أردنية تحافظ على مدخرات وحقوق المواطنين. لقد تمكن الدكتور عمر الرزاز ، وبمزيج من الكفاءة والنزاهة والتخطيط السليم من تطوير عمل المؤسسة وإنقاذها من خلال قانون جديد سيحافظ على مدخرات المؤسسة من الضياع من خلال أهم تغييرين في سياسات صرف رواتب التقاعد وهي وضع سقف أعلى للرواتب ، وزيادة سن التقاعد المبكر حيث كانت أموال المؤسسة تضيع في رواتب تقاعدية عالية جدا لمدراء تنفيذيين من القطاع الخاص يقفزون في رواتبهم بشكل مذهل ثم يتجهون للتقاعد المبكر في سن الخامسة والأربعين وهم في أوج عطائهم الذهني والعملي ويبدأون حياة مهنية جديدة مع استمرار التمتع بالراتب التقاعدي ، كما وسع ايضا من قاعدة تغطية الضمان حيث تم طرح برنامج خاص للمغتربين وكذلك للمؤسسات الصغيرة.

سياسات الرزاز واجهت بالطبع بعض الرفض وخاصة من جهات كانت تستفيد من الوضع السابق في لا محدودية الرواتب والتقاعد المبكر ولكن قناعته المهنية والإحترافية بضرورة تغيير القانون لم تستجب للضغوطات ، وهذا في نهاية الأمر كان من حسن حظ المشتركين وخاصة أصحاب الرواتب التقاعدية القليلة والذين يحتاجون إلى استدامة الرواتب على المدى البعيد.

الآن وبعد أن أعلنت استقالة الرزاز فانه سوف يضيف مأثرة جديدة إلى سجله المهني وهي دعم المدير الجديد معن النسور ، والذي كان اختياره هو الآخر موفقا نظرا لسمعته الشخصية والمهنية العالية ، حيث سيتم نقل صلاحيات الإدارة عمليا وبشكل تدريجي إلى المدير الجديد من خلال تواجد النسور في المؤسسة حتى قبل بداية عقده الفعلي وذلك لتيسير التسليم الصحيح للملفات. هذه هي الوسيلة الأفضل لتغيير الإدارة ، حيث لا يكون المدير السابق غاضبا ويحاول احتكار الملفات وإيقاع خلفه في ورطات بل يعمل على مساعدته للتعرف على منهج العمل وذلك بناء على تجربته الشخصية في بذل وقت وجهد كبيرين في التعرف على العمل قبل الشروع بالتخطيط. كما يكون المدير الجديد على قدر من التواضع الإيجابي الذي يجعله لا يجد غضاضة ولا انتقاصا من كونه يتسلم تدريجيا كيفية إدارة المؤسسة وشبكة علاقاتها ومستثمريها ومشاريعها وأنظمتها القانونية والإدارية وهي مهمة ليست سهلة.

بالنسبة للأردنيين الذين يضعون نسبا كبيرة من رواتبهم في الضمان الاجتماعي فإنهم قد لا يدركون الآن أهمية ما قام به الدكتور عمر الرزاز ولكن ذلك سوف يظهر بعد عدة سنوات خاصة في حال تمت المحافظة على هذا النهج في حماية استدامة أموال الضمان الاجتماعي . المهم الآن هو استمرار الثقة في نزاهة وكفاءة إدارة هذه المؤسسة العظيمة التي تشكل أبرز صروح الامن الاجتماعي والاقتصادي ، وهذه المسؤولية سوف تنتقل إلى المدير الجديد معن النسور الذي سيحظى بكل الدعم وتمنيات التوفيق.
الدستور