جاء قرار الإخوان المسلمين بتعليق أو بالأحرى مقاطعة الانتخابات البلدية والمجالس المحلية وأمانة عمان صادما وغير مبرر ، إذ لا يجوز الحكم على الأشياء مسبقا خصوصا أن البلاد تدخل في مرحلة جديدة من الإصلاح والانفتاح السياسي، ولم يبقى هناك أي مجال لممارسة الحرد السياسي بحجة وجود من يضيق على هذا العمل مهما كانت انتماءاته السياسية والفكرية بشرط أن تكون داخل الإطار الوطني ، خصوصا أن قوانين الإصلاح السياسي الجديدة وبالذات قانون الأحزاب أعطت الحق لكل أردني يشعر بالمضايقة لانتمائه السياسي اللجوء إلى القانون، بل وهناك محاسبة للجهة أو الأشخاص الذين قاموا بهذا العمل .
كان على الإخوان المسلمين أن لا يتسرعوا في القرار وأن يحكموا على التجربة من الداخل وهذا أفضل من الهروب بحجة الشعور أن الأمور لا زالت على حالها ، ربما يكون التفسير المنطقي لقرار الإخوان لشعورهم أن قواعدهم الشعبية لم تعد كما كانت من القوة ومن الممكن أن لا تؤهلهم للفوز بالانتخابات خصوصا بعد الإنقسامات التي شهدتها الجماعة في السنوات الماضية وخروج عدد كبير من القيادات والأفراد منها لتأسيس كيانات سياسية جديدة لشعورهم بأن هناك أطراف داخل الجماعة ترفض التجديد ولا زالت تتمسك بالعقلية القديمه في ممارسة العمل السياسي ، ولا تدرك بأن الظروف تغيرت وأن اللاعبين على ساحة عمل "الإسلام السياسي" أصبحوا كثر ولم يعد هناك مجال لاحتكار هذه الساحة لجهة بعينها ، إضافة إلى أن شرائح كبيرة من المجتمع الأردني باتت مقتنعة أن لا قدسية لمن يعمل في السياسية من منطلق فكرة الإسلام السياسي كما كان في السابق ،الأمر الذي جعل النظرة للإخوان هي ذاتها النظرة لأي حزب سياسي آخر على الساحة .
هذه أسباب وجيهة جعلت الإخوان من خلال ذراعهم السياسي جبهة العمل الإسلامي يتخذون قرارهم بمقاطعة الإنتخابات القادمة .
ندعوا الإخوان أن يراجعوا أولا تجربتهم السياسية وأين كمن الخطأ فيها ولماذا تراجعت شعبيتهم إلى هذا الحد، وأن يبتعدوا عن القرارات العدمية التي يحاولون إسقاطها على الساحة الوطنية في حين أنها تعود إلى تناقضاتهم وخلافاتهم الداخلية ووضعهم المتراجع على الساحه ، فالبلاد تدخل في مرحلة جديدة من الإصلاح الذي يجعل الساحة مفتوحة لمن يريد أن يمارس العمل السياسي في إطار وطني خالص دون أن يقف أحد في وجهه ولا مجال للعودة لأحد إلى اتباع سياسية التمنع التي كانت تمارس في الماضي تحت مبررات غير مقنعة، فالملك نفسه ضامن للمرحلة الجديدة .