قبل ان يقر مجلس الامة بشقيه الاعيان والنواب قانون الاحزاب الجدبد الذي اوصت به او اقترحته اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، تقدم ثمانية عشر حزبا بطلبات للترخيص حتى الان، والعدد مرشح للزيادة خلال الفترة القادمة،يضاف اليها ثلاثة وخمسين حزبا مرخصا من قبل،وبذلك اذا استوفت الطلبات المقدمة الشروط المطلوبة للترخيص، سوف يتجاوز العدد السبعبن حزبا في المملكة،ومن الطبيعي ان تتنافس على تشكيل الحكومة البرلمانية منفردة او مؤتلفة.
كان من المؤمل ان يتراجع عدد الاحزاب، من خلال اتحاد بعضها وائتلاف بعضها الآخر وانصهار البعض، في عدد محدود من الاحزاب الكبيرة، التي يمكن ان تحقق نجاحا مهما في الانتخابات البرلمانية القادمة، وتستوفي متطلبات تشكيل حكومة برلمانية، وتنتقل عملية تشكيل الحكومات الى حالة جديدة من السلوك الديمقراطي داخل البرلمان، اي ان تصبح الحكومات منتخبة من الناحية العملية عندما يشكلها برلمانيون منتخبون من قبل الشعب.
في حال استمرت عملية تشكيل الاحزاب على ما هي عليه الآن ،فانه لا تغيير مرتقب على نهج الحياة الحزبية،ومن غير المتوقع ان تتحقق الاهداف والغايات المرجوة من اقرار قانون الاحزاب الجدبد.
السؤال الذي يطرح نفسه،والذي قد يساعد في تخفيض اعداد الاحزاب ويدفعها الى ائتلافات وتحالفات واندماجات فيما بينها،هو هل الشروط المطلوبة لترخيص الاحزاب الجديدة وفق القانون الجديد الذي سيناقشه مجلس النواب قريبا جدا،سوف يلزم الاحزاب المرخصة القائمة بها ،اي انها ستطبق بأثر رجعي،ام ستعفى منها الاحزاب الموجودة المرخصة.
اذا اريد للحياة الحزبية ان تحقق مبتغاها واهدافها، لا بد من تطبيق القانون والشروط على الجميع، القديم والجديد، لان الساحة الحزبية تعج بالاحزاب من حيث العدد،لكن الفعل شبه مفقود، ولا بد من الاشارة هنا الى ان الحزب الجماهيري هو الاقوى والافضل، وهو الذي يملك القدرة على الاقناع ببرامجه الحزبية وطروحاته وافكاره وقدراته على افادة المواطنين في مختلف المجالات، وهو بحاجة الى اقناع الناس بما يقدم قبل اقناع الحكومة والدولة.
الحزب الذي يكتب له النجاح والديمومة والاستمرارية، هو الذي يلتقي اعضاؤه المؤسسين والمنتسبين والانصار على مباديء وافكار واهداف وغايات مشتركة موحدة،اما الاحزاب التي تجمع المصالح صانعوها فانها لن تستمر.
الجدية في العمل الحزبي، والمصداقية في تقديم المصالح الوطنية على المصلحة الخاصة، سوف تظهر جليا في كيفية تصرف الاحزاب بعد اقرار القانون، فاذا انخفض العدد الاجمالي الى عدد اصابع اليد من الاحزاب المؤتلفة سوف نتأمل خيرا، لكن اذا بقي الرقم الفلكي من الاحزاب او زاد، فلا امل بحكومات برلمانية.
ربما يتيح القانون الجديد الفرصة للجميع لممارسة الحياة الحزبية ومنح المساحة المناسبة للحركة، والمسؤولية الان تقع على الاحزاب نفسها في التقاط الفرصة، وعليها الانطلاق من جديد واثبات قدرتها على العمل والانجاز، والاعلان عن اية معيقات قد تعترضها بكل شفافية ووضوح.