على الحكومات الأردنية ان تولي أهمية اكبر للتعليم باعتباره ركيزة أساسية لخلق قاعدة للابتكار وبناء الكفاءات التي تنمي الابتكار، واستقطاب المواهب والمهارات للتحوّل إلى مقدمة الدول المبتكرة، من خلال التركيز على عدد من القطاعات الحيوية في هذا المجال، منها التعليم والنقل والصحة والطاقة والتكنولوجيا، بهدف تطوير مناخ الأعمال وتحفيز الشركات على النشاط بشكل أكبر حتى تصبح أكثر إنتاجية وتتمكن من توفير فرص عمل جديدة للمواطنين وتكون أكثر استجابة للمستثمرين المحليين والدوليين، تستقطب الصناعات التي تتطلب تكنولوجيا متقدمة، ورأس مال بشري متدرب، بالاضافة لاستغلال البنية التحتية والخامات الثمينة للوصول الى استثمارات بمليارات الدولارات.

فالقدرة على التكيف مع الأزمات لا تشير إلى خفض المخاطر والأضرار الناتجة عن الكوارث فحسب (أي خسارة الأرواح والأصول) ولكن أيضًا إلى القدرة على الوصول السريع لوضع مستقر، فمن أزمة المناخ إلى جائحة فيروس «كورونا»، أصبح العالم يتطلع إلى العلوم والتقنية باهتمام وتركيز غير مسبوقين، خصوصا مع دخولنا عام 2022، ازداد هذا الزخم بوتيرة متسارعة ومثيرة للدهشة، وتعالت الأصوات التي تنادي بأن تكون العلوم والتقنية الأساس في صنع السياسات، وهذا يسلط الضوء على تأهيل الجامعات ومراكز الابحاث للنهوض بالعلوم والتقنية، وايضا الاستثمار في مراكز التدريب التقنية لتهيئة القوى العاملة لتلبية طموحات الأردن في النهوض الاقتصادي وجذب الاستثمارات العالمية، والانتقال من الاقتصاد الخطي التقليدي، إلى الاقتصاد القائم على تدوير الكربون، الذي يشمل خفض الكربون وإزالته وإعادة تدويره وإعادة استخدامه.

التحديات الكبيرة لا يمكن معالجتها عبر التشريعات أو المال أو القوة العسكرية، ولكنها تتطلب حلولاً جديدة قائمة على العلم، وبالتالي التركيز على العلوم التي لمواجهة التحديات المتسارعة، مثل المياة، الطاقة المتجددة وتطبيقاتها، والتخفيف من ظاهرة تغير المناخ، وخلق بيئة واقتصاد مستدامين، تواكب الثورة الرقمية. فالتوجه العالمي للاستدامة يتمحور حول مفهوم تدوير الكربون، فضلاً عن إنتاج وقود «الهيدروجين الأخضر» من المصادر المتجددة ، وفي الوقت نفسه استخدام الكربون المعزول من الغلاف الجوي في إنتاج المواد الجديدة واستخداماتها المتعددة في عمليات البناء والتعبئة والتغليف، وبلا شك، سيكون مفهوم تدوير الكربون اتجاهاً عالمياً رئيسياً للوصول «للحياد الكربوني» بحلول 2050.

كذلك التطور الحاصل على السيارات الكهربائية، خصوصاً أن الشركات تتسابق للحصول على حصتها في السوق الناشئ، خصوصاً في الصين التي أصبح لديها بدءاً من عام 2021 أكثر من 300 شركة لتصنيع السيارات الكهربائية، الأمر الذي يعكس طموحها لدخول هذه السوق بقوة. وفي السياق نفسه، تستخدم السيارات الكهربائية بطاريات من الليثيوم. الأمر الذي يجعل تصنيعها يعتمد على وجود موارد موثوقة وغير مكلفة من عنصر الليثيوم، حيث يتواجد في مياه البحر الميت احتياطي يصل الى 4.5 مليون طن متري من الحجم الكلي للبحر الميت، يمكن استخدامه الآن مصدراً مهما في الصناعة.

وقد يكون مجال التحول الرقمي أكثر التطورات أهمية في العلوم والتقنية في عام 2022، في مجالات الذكاء الصناعي، والصحة الذكية، والأمن السيبراني، ونمذجة المناخ المستقبلي، والروبوتات. هذا يتطلب دخول الجامعات ومراكز التدريب المهني في شراكات مع القطاعات الصناعية المختلفة «الثورة الصناعية الرابعة» من أجل التكامل الفعال والذكي لأنظمة الإنتاج اللامركزية والتحكم في «تقنيات إنترنت الأشياء» التي تشهد اليوم تطوراً متسارعاً. ومن بين مجالات الاكتشاف الأساسية والتطبيقات التقنية الصاعدة والجديرة بالبحث هو «العلم الكمي»، فإن استخدامها في تطوير أنواع جديدة من الاتصالات الآمنة وكسر الاتصالات المشفرة التقليدية يتطور بسرعة، فمن المؤكد أن هذه التقنية ستلعب دوراً في التداعيات المستقبلية على الأمن القومي والاقتصادي، فالعلم بطبيعته تدريجي، «أولًا تجعل المستحيل ممكنًا، ثم تعمل لتجعله مثاليًّا».

الدستور