في الزراعة..
أمام الاهتمام الملكي بالزراعة، وتأكيده أولوية هذا القطاع، كقطاع أمن وطني، فإن هذا القطاع يمكن أن يشهد نقلة نوعية منتظرة، فتأمين الغذاء هو بالفعل مرتكز من مرتكزات الأمن الوطني.
إن الاهتمام الملكي وحاجتنا الملحة للنهوض بهذا القطاع.. يشهد استجابة كبيرة وعملية، كفؤة من لدن وزارة الزراعة، باعتبارها الذراع المعنية بترجمة تطلعاتنا وتحويلها إلى حقائق على أرض الواقع.
بالأمس استمعنا إلى الوزير «المنتج» المهندس خالد الحنيفات، حين عرض خطة عملية من شأنها، إن أخذت طريقها نحو التطبيق العملي، أن تحل كثيراً من الاشكاليات التسويقية والانتاجية المزمنة التي يعاني منها هذا القطاع.
نشد على يد وزير الزراعة وعلى الدور المأمول من المؤسسات الرسمية والأهلية، وبالذات المركز الوطني للارشاد والبحث العلمي، والمنظمة التعاونية والاقراض الزراعي واتحاد المزارعين، ومن الكوادر العاملة في هذا القطاع، والتي وان انتظمت في حلقة عمل واحدة متناغمة، فإنها بالتأكيد سوف تعطي أُكلها. ليُصبح القطاع الزراعي قادراً على تأمين غذائنا وتحوله إلى قطاع تصديري رافد للاقتصاد الوطني..
وبعد.. آمل أن يأخذ الوزير الحنيفات وقته لتنفيذ خطته الطموحة.
***
في الجمارك..
قررت الحكومة مؤخراً تخفيض الجمارك على سلع كثيرة، وهذا أمرٌ محبذ، لو أن التخفيض لم يتم على اطلاقه، حيث اشتمل على سلع مختلفة دونما تمييز..
من المتوقع من الجمارك أن تأخذ قراراتها بعين الاعتبار البعد التنموي لتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على النمو، بحيث يتم تخفيض الجمارك على سلع يحتاجها المواطن كأساسيات لحياته، هذا دون أن يشكل التخفيض اضراراً بسلع يتم إنتاجها وطنياً.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، لا أرى من المنطق تخفيض الجمارك على الملابس والأحذية المستوردة والمياه الغازية.. الخ، لأن ذلك من شأنه أن يضر بالقدرة التنافسية لمنتجاتنا الوطنية، ويعطي ميزة إضافية للمنتج الأجنبي على حساب الصناعة الوطنية.
وأن المثال الحي على ذلك هو تخفيض الجمارك على التمور المستوردة، مع أن بلادنا مكتفية، حيث تنتج حوالي «25» الف طن من التمور الفاخرة، يتم استهلاك حوالي «17» الف طن محلياً والباقي يذهب للتصدير، علماً بأن أسعار المنتج الوطني من التمور هي في متناول اليد للمستهلك المحلي من حيث النوعية والسعر. وبالتالي فإنه لا يوجد اي مبرر موضوعي لتخفيض الجمارك على التمور واي مادة مماثلة..
أرجو أن يُعاد النظر بقرار الحكومة واستثناء السلع التي لها شبيه وطني من قائمة الإعفاءات الجمركية، حماية لمنتجنا الوطني وتشجيعاً له لأن يتوسع، لانه بتوسعه يعني المزيد من فرص العمل وبالتالي المزيد من تخفيف حدة البطالة والفقر، التي تكبر يوماً إثر يوم في بلادنا.
***
في الإصلاح الاداري..
في هذا الصدد فاني أتمنى على الحكومة أن تراجع محاولات الإصلاح والتحديث الإداري السابقة، حتى لا تقع بنفس الإخفاقات التي ارتكبت في السابق.
ذلك ان لدينا عدة تجارب سابقة، أغلبها لم تعطِ المأمول منها، ويقال إن واحدة من محاولات إصلاح الإدارة قد كلفت الخزينة ما يزيد عن نصف مليار دينار، وكانت النتيجة أن تراجعت الإدارة خطوة إلى الخلف!
إن الإصلاح الإداري أيها السادة مسألة مركبة، شقها الأول تفعيل أدوات اللامركزية والتنمية في المحافظات، وإزالة اللبس بين مفهوم تفويض الصلاحيات «غير المجدي والمؤقت» وبين مفهوم نقل الصلاحيات من المركز إلى المحافظات «المجدي والفعال»، وهو الفرق بين المفهومين اللذين تعذر على العديد من رؤساء الوزارات السابقين استيعابه.
إن الإصلاح الإداري يحتاج إلى قرارات جريئة، بالغاء ودمج وزارات ومؤسسات ليست ذات قيمة، ذلك أنها «علقٌ» يمتص المال من الخزينة العامة، دون أن يعطيها، بل ودون إضافة مفيدة لمسيرة القرار التنموي والخدمي في الدولة.
والإصلاح الإداري يعني توحيد نظم التعيين في كافة أذرع القطاع العام والمساواة بين المنتسبين له سواء كانوا في وزارات الدولة أو مؤسساتها المتعددة، تلك المؤسسات التي لا نعرف أسماء الكثير منها ولا الدور الذي تقوم به! انه جرح مالي في جسم الدولة، لا يتوقف عن النزف!
وان الإصلاح الإداري يعني ترشيد القرار التنموي والخدمي وتخليصه من الحلقات البيروقراطية المُقيتة التي لا لزوم لها.. وأن الإصلاح الإداري يعني إدخال «الأتمتة» في جسم الدولة تسريعاً للإنجاز وقطع الطريق على الفساد الذي يتحصن خلف جدارات صلدة، حيث تزداد فرص الفساد بالنمو والتكاثر، كلما ازدادت الحلقات الحكومية التي لا ضرورة لها.
وأخيرا.. فالإصلاح الإداري يعني مراجعة رواتب ومكافآت قادة المؤسسات والشركات التابعة للحكومة، فليس من المنطق أن تُرسل الحكومة شخصاً لرئاسة شركة أو مؤسسة ما، فيتحصل على مئات الألوف من الدنانير سنوياً، مع أن العمل الذي يقوم به هو عمل اشرافي، بعيد عن القضايا الفنية التي تقوم بها تلك المؤسسات أو الشركات!
وهو على أي حال أمر مستجد على الدولة، حيث كانت في السابق مكافأة من يكلف بهكذا أعمال، هي في حدود المنطق.
والله ومصلحة الأردن من وراء القصد
(الرأي)