الفكر الحزبي ينبغي أن يكون متحررا من المناطقية والجهوية والعشيرة والطائفية والعرقية وان يتحدث بلغة الوطن المجردة من اية ميول تصب في جوانب أخرى ينبغي تجنبها والابتعاد عنها بعدا مبرما والا بقينا نحوم في دائرة المصالح الضيقة والنظرة الجزئية التي تعكر صفاء العمل الوطني الذي يبتغي رفعة الوطن وسموه ومصلحته العليا.
لدينا اثنان وخمسون حزبا مرخصا وهناك طلبات أخرى لترخيص أحزاب جديدة وهذا مؤشر غير صحي ويؤكد ضآلة الفكر وانحيازه إلى مؤشرات غير مرضية لطموحات النظرة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
إذ يفترض ان تتلاقى الأفكار والاتجاهات لتنحصر في ثلاثة او أربعة او خمسة أحزاب فاعلة ومؤثرة وتحوي عناصر كثيرة ولها وزنها في التمثيل وثقلها في التأثير وحيازتها على أصوات الناخبين وصولا إلى الحزب الحاكم بدلا من تبعثر الجهود وضياع معنى الحزبية الفعالة في الساحة السياسية.
ولا ادري ما هو وجه الخلاف بين هذه الاحزاب وما هو الأسلوب وما هو الفكر المختلف لهذة الدرجة التي تقود إلى هذا العدد الهائل من الاحزاب طالما ان هناك قواسم وبرامج مشتركة بينها جميعا.
ان إنجاح التجربة الحزبية يؤسس له عدد محدود من الاحزاب ذات النظرة الشمولية القادرة على استقطاب أبناء الوطن واقناعهم بالدور الحزبي في رسم معالم السياسة وتطبيق البرامج الاقتصادية والاجتماعية للنهوض بالوطن وتحرير عقول الناس مما علق بها من ترسبات ضيقة وانحرافات عن جادة الصواب.
وهذا يقتضي نشر البرامج الحزبية والأهداف للعلن وعقد المنتديات والتعريف بهذه الاحزاب التي لا يعرف عنها جل المواطنين ولا يعرفون اسماءها وما هي مبادراتها ومساراتها الا فئة قليلة ممن ينتمون إليها.