اسفي على زمن بات الصدق فيه جريمة نحاسب عليه وندفع الثمن غاليا فاذا صدقنا نخسر اصدقاء عاهدناهم بالوفاء وحسن العشرة.. احلام حملناها في رحم قلوبنا
في مجتمعي يرتدي الجميع اقنعة.. فخلف الوجوه وجوه شريرة وخلف الابتسامات حقد وكراهية
الصدق والنقاء لا يكفيان ولا ينجيان في مجتمع سودوي فالضمائر ماتت وأصبح الصدق هاوية.. خربانة
عدت اتوه في الخداع ولا اعلم من يحمل في قلبه حبا ومن يحمل بغضا.. في كل درب اسلكه اجد الكذب يتجول بين الناس في الشارع في عملنا في بيوتنا سهوا وهنا نبرر للاخرين بأننا نحن نظن السوء في انفسنا حتى اصبحنا نقنع عقولنا بأن هذا هو الواقع السليم…
لكي نحافظ على حياتنا العمليه
فالصدق يشبه السراب دربه متعِبٌ، سأسلكه ولو كنت أسير به وحيداً فهذا ما تعلمناه منذ نعومة اظفارنا وما علمنا اياه ديننا الحنيف، قال الرسول عليه الصلاة والسلام "عليكم بالصدق فأن الصدق يهدي الى البر وان البر يهدي الى الجنة"
اتساءل:
هل اصغي لصالح من حولي "أشتري دماغي" كما يقول الإخوة في مصر، أو، ان اطبق نظرية "يا زلمة بحبحها" كما نقول أحيانا، لست من الذين يفضلون أن يعقدوا أمور حياتهم بل أنني ممن يحبون تسهيل وتبسيط جميع الامور، ولا من اللذين يعقدون حواجبهم ويمضون يومهم متذمرين بلا سبب. لكنني مهما حاولت فمصادر النكد كثيرة، قد تجدها في تصرفات طفولية تطالك من أشخاص أقل منك سنا وعلما، قد تجدها في أفعال مزعجة من زملائك في العمل الذي يحاول بعضهم جهدا تهديد لقمة عيشك..
فالجوع مصيبةٌ لمن لم يتعود الشبع،
أو من جيرانك في الحارة أو من السائق الذي قرر أن يصطدم بسيارتك لأنه يظن أن الشارع العام هو امتداد لحديقة منزله، أو حتى في اجتماعك مع أصدقائك والذي يتحول فجأة من اجتماع مرحٍ إلى حالة تذمر جماعية، ننظر الى المرآة لنكتشف فجأة أن رؤوسنا اصبحت تعانق الشيب ولا نعرف كيف مرت سنين عمرنا مسرعة ورغم كل شيء نحاول أن نقاوم كل مصادر "النكد" وأن نطبق نظرية "كبر دماغك".
تلتفت حولك فلا ترى سوى قناصين يوجِّهون أهدافهم لانتقادك والسبب انك لا تشبههم، تحاول مرارا وتكرارا لتبرير تصرفاتهم لكنك تفاجئ بسهام تخترقك من قريب وبعيد، وحين يقرر قريب أو صديق أن يعاتبك نتيجة قراءته السيئة لتصرفاتك العادية فإنك تحتوي الموقف وتتجاوزه لأنك لست في مسابقة عتاب ولا تريد اكتشاف الأخطاء السبعة، ولأنك لا تملك الطاقة للجدل العقيم أو للحوار الهدف الوحيد منه هو التخلص من مشاعر سلبية نكدية - إن صح الوصف- كما قلنا أنت تتجاوز عن الكثير لا لضعف منك ولا لأنك مرفه وفي حالة سعادة دائمة بل لأنك تعرف أنه يمكنك أن تستثمر وقتك ومشاعرك وطاقتك فيما يسعدك.
لكن طريقتك هذه قد لا تكون ناجحة، لأنك ببساطة لا تتحكم فيما حولك، لذلك ستجد، "النكد" يطرق بابك ويلازمك ويصادقك حتى وإن حاولت تجنبه، وبأن الدنيا قد تغيرت وأنها اصبحت "خربانة خربانة" ويريدون اقحامك بها وأن سوء الظن بات يلازمنا وأصبحنا نعلل بهذا التصرف أو ذاك… "مهي خربانة"..