"أرواحنا التي أوصدت حرائقها"
ريم عبيدات
29-06-2007 03:00 AM
بعباراته المثيرة لكم رائع من التوقف والتأمل والصريخ أحيانا يستهل الكاتب والروائي العربي الكبير “عبد الرحمن منيف” رائعته “لوعة الغياب” بعبارة رغم بساطتها مثيرة للكثير من التأمل الجاد إذ يقول “إن إحدى المشكلات الكبرى التي تواجه الفكر العربي -بما في ذلك الآداب والفنون- هي انعدام التواصل اي عدم القدرة على المراكمة الإيجابية بحيث يكون السياق درجة في السلم الصاعد، يرتقيها اللاحق دون ان يكون مضطرا لدفع ثمن مسبق”.في الإطار الاجتماعي تحولت حياتنا الى مشهد فريد للانعزال كجزر ضيقة، يكتنفها اللا تواصل واللا اختلاط تحت ادعاءات الانشغال والاستقلال وعبارات أخرى قاسية في لا أخلاقيتها وتوصيفها للآخر وأهميته في حياتنا.
وما قد يتوفر للبعض من ظروف او جهود استثنائية أو توفر بيئات وفرص معينة قد يقدم تكويناً جدياً، إلا انهم يظلون أسرى الاستثنائية التي يقعون ضمنها، والتي تصبح بعد ذلك فاصلا بينهم وبين مجتمعاتهم.. فتحدهم ضمن أطر وأوضاع اجتماعية واقتصادية نخبوية بدلاً من تقديم مشاريع فعلية قد تحظى بالتأثير على صعيد الواقع... مشكلين أيضاً جزراً عاجزة عن التفاعل مع محيطها او التأثير فيه.
وبالتالي فإننا على المستوى الجماعي في حالة فريدة من انعدام الثقة والوزن المعرفي والقيمي. وفي حالة لا مسبوقة من غياب التواصل وانعدام الحوار والتفاهم، وغلبة لخطاب الذات وضجيجها لا حوارها. حتى بعض التجانس الظاهري لبعض صيغ سياسية او فكرية أو عقائدية لا يعكس في غالبه الا سيادة لصيغة جماعية قشرية خادعة تخفي تواصلا قاصرا وسيطرة للتنازع والفردانية.
والأقسى من كل ذلك ما يسود مجتمعاتنا من انزياح لقيمة المعاني وفوضى المفاهيم و على رأسها البنى الأخلاقية والروحية إضافة للعنف النفسي المادي وسيادة قيم الفرصة والفهلوة وشدة عمق الثقافة الذرائعية التي أحدثت شرخا عميقا في بنية الناس والمجتمع وانزياحا تاما للمجتمع عن إمكانياته وقدرته.
فأي شمس ستقدم الأيام القادمة لأبنائها؟ وأي دماء ستتدفق عبر الأوردة والشرايين المؤدية الى الروح وقد أوصدت كافة شعيراتها؟ أما آن لنا أن نحاصر أمراض القلب دفعة واحدة وأن نفتح شرايين النافذه باتجاه حوارات حقيقية تمد أرواحنا المتعبة بشيء من العافية. وتمسح شيئا من جبين أمسياتنا المتعبة بدفء الحب والحياة والعافية.