الملك .. والإمام الأكبر .. حوار الحامي والوسطي المعتدل
حسين دعسة
20-01-2022 11:24 PM
كان الهاتف الملكي يرن، رنات هادئة، فيها ترقب العارف، يتلقى الملك الهاشمي عبدالله الثاني، صوت «الطيب»، اتصالا هاتفيا من قطب الجامع الأزهر العلامة د. احمد الطيب.
.. القدس، وفلسطين، الحق والعدالة كانت سجال الاتصال، الذي بادر به الإمام الأكبر، شيخ الأزهر، حرصا مشتركا في القول والفعل.
تنبهنا المكالمة- الحدث، بما تعنيه شخصية الملك الهاشمي في العالم، الإنسان المسلم العربي، النير الفكر والحكمة والمرجع في قضايا المنطقة والشرق الأوسط والعالم.
«الوصاية الهاشمية شرف ومسؤولية أمامي وأمام الهاشميين، والمملكة الأردنية الهاشمية».
هذا الجوهر الهاشمي، المتين، الحامي الذي يبادر به الملك من نطق او سجال او حوار، وهي مسألة تناولها مع فضيلة الإمام، وكانت أيقونة، حملها جلالته وديعة منذ خاطب القمة العربية الطارئة في أيار 2019 التي عقدت في مكة المكرمة، وقال فيها، ما يذكره الإمام الأكبر فضيلة شيخ الازهر:
القضية الفلسطينية كانت وستـبقى الهم الأول الذي يشغل الوجدان العربي، ونؤكد هنا أن الأساس في التعاطي معها لابد أن يكون ضمن ثوابتنا العربية، فالقضية الفلسطينية يجب أن تبقى القضية العربية المركزية والأولى، ولا أمن ولا استقرار ولا ازدهار في المنطقة دون حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية يلبي طموحات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية استنادا إلى حل الدولتين ومبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.
.. وعندما تتصل، مرجعية دينية، إسلامية، من أرض الكنانة مصر ومن مشيخة الأزهر التي تزيد حضرتها ومعمارها وفكرها عن (الجامع الازهر, القاهرة, مصر, يتصل مع ملك هاشمي من عترة النبي محمد بن عبدالله القرشي الهاشمي، فهذا اتصال العارف والمرجعية بالوصي الذي قال دوما: أما القدس الشريف وما تتعرض له المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها من انتهاكات هدفها تغيير تاريخ وهوية المدينة، وانطلاقا من وصايـتـنا الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، فإنني أؤكد أن الأردن مستمـر بـ دوره التاريخي في حمايتها والدفاع عنها.
ثلاث قضايا رئيسية تناولها الاتصال الهاتفي، الذي تلقاه ملك الأردن عبدالله الثاني، وتبادل فيه مع فضيلة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر الشريف، الدكتور أحمد الطيب.
يأتي هذا الاتصال، حاملا المواقف النبيلة المؤثرة من إمام الأزهر، ومن القيادة الدينية والفكرية الأبرز إسلاميا وعربيا، عبر منارة الأزهر المحاضرة المؤثرة، مثلما عززت المكالمة أهمية العلاقات الأردنية المصرية والتعاون المشترك وعمق الأخوة بين الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
فضيلة إمام الأزهر استمع من الملك، المستجدات والظروف التي تعيشها المنطقة وخصوصا القضية الفلسطينية، ووضع القدس والحرم القدسي الشريف.
قضايا فكرية وسياسية وحضارية أشارت إليها نتائج حوار الملك الهاشمي والإمام الطيب، وهي:
*القضية الأولى:
الأوضاع الخطيرة في القدس الشريف، والحرم القدسي الشريف، بما في ذلك أملاك ومساكن أهالي القدس ومدارسها والأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة..
*القضية الثانية:
وقف الانتهاكات الإسرائيلية الأحادية بحق الفلسطينيين، والتي تقوض فرص تحقيق السلام العادل والشامل.
*القضية الثالثة:
الأردن، وضمن الرؤية الملكية الهاشمية، مستمر في القيام بدوره التاريخي والديني في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس، من منطلق الوصاية الهاشمية عليها.
التبادل الفكري والسياسي الموسع والرؤى المشتركة، تعلي فكر جلالة الملك ودفاع الأردن وحرصه الهاشمي، أبا عن جد، لنصرة القدس الشريف، والعمل وفق رؤية الملك عبدالله الثاني، التي تحمل الحكمة وتستمتع إلى علماء وائمة العالم الإسلامي والحوار العربية والدولية، بهدف حماية الفكر الإسلامي وأثره الحضاري.
يُعدُّ الدكتور أحمد الطيب، شيخ جامع الأزهر، شخصية تجمع بين الباحث والأستاذ الأكاديمي المتخصِّص في الفلسفة، التي درس أصولها في فرنسا، وصاحب البحوث العلمية الجادة، والمنهج التدريسي الناجح في جامعات عربية متعدِّدة.
وشخصيته، إلى جانب ذلك، هي شخصية العالم المسلم الورع الذي يمثل الوسطية الإسلامية البعيدة عن الغلوّ، والداعية إلى ثقافة التسامح والحوار والدفاع عن المجتمع المدني. وقد تجلَّت أبعاد هذه الشخصية من خلال مواقفه التي برزت أثناء مشيخته لـ (الأزهر الشريف)، ودعواته المتكررة لنبذ الفرقة والعنف، والاحتكام إلى العقل، والحفاظ على هوية المجتمع وتماسكه.
ما يشكل الجوهر المتين بين الملك الهاشمي، والإمام الطيب، من إرتقاء فكري يجمع الحكمة والسياسة الملكية، بين العالم والداعية المستنير الذي يقدم الفكر الإسلامي، ضمن ثوابت الأمة..
وفي ذات الوقت، حمل الهاتف المشترك بين الملك عبد الله والإمام أحمد الطيب، صورة مشرقة لما يمثله الأزهر الشريف من قيمة، لها مكانتها المهمة عبر التاريخ، وإلى الآن، وفي الوقت نفسه، دانت الجامعة العربية جريمة تهجير عائلات من حي الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة، لإحلال المستوطنين مكانهم، واستمرار سياسة التهجير القسري للفلسطينيين من المدينة.
ولفت الجامعة، إلى سلسلة الجرائم المتواصلة التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني منذ عقود، واستمرار عدوانه السافر والممنهج ضد الفلسطينيين ووجودهم وحقوقهم، وسياسة التهجير القسري من مدينة القدس وخاصة حي الشيخ جراح، واصفا ما يجري بجريمة حرب وتطهير عرقي خطير.
جامعة الدول العربية، تعظم الجهود الإسلامية والعربية والدولية، من خلال مطالبتها المجتمع الدولي والجنائية الدولية، بالتحرك الفوري لوضع حد لهذا التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني ومدينة القدس، مشددا على ضرورة التصدي لتلك الجرائم بصورة سريعة وحاسمة، تقتضيها خطورة الجرائم المرتكبة.
.. تكمن أهمية ما أكده جلالة الملك مع الإمام الطيب، لما للأزهر من رؤية تتشارك وتتضمن مع الرؤية الملكية الهاشمية التي تناصر القدس، وتدعم الحق الفلسطيني العربي الإسلامي والمسيحية في القدس،.. ويأتي ذلك، في وقت تجاهر دولة الاحتلال الإسرائيلي والعصابات اليهودية، هدم البيوت والتهجير والتهديد والاغتيالات التي يقودها جيش الاحتلال الإسرائيلي، منها هدم منزلين لعائلة مقدسية في حي الشيخ جراح.
فضيلة الإمام الأكبر يؤمن أن مشيخة الأزهر، دار فكر وعلم وحامية لمقدرات الأمة، وأن الأزهر يعتز بعلاقته القوية مع الأردن قيادةً وشعبًا، ويقدر جيدًا دور جلالة الملك عبدالله والمملكة الهاشمية في الدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية؛ وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، قضية العرب والمسلمين الأولى.
فضيلة الإمام الطيب، يعلم ويتابع عمل ومبادرات دائرة أوقاف القدس، التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية كونها المشرف الرسمي على المسجد الأقصى وأوقاف القدس (الشرقية)، بموجب القانون الدولي الذي يعد الأردن، آخر سلطة محلية مشرفة على تلك المقدسات قبل احتلالها من جانب إسرائيل.
كما احتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية للسلام وقعها مع إسرائيل عام 1994، وكذلك اتفاقية وقعها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في 2013.
يفتخر الملك، وهو يحاور الإمام الأكبر، كأنه يحاور بحكمة الهاشميين علماء الأزهر الشريف، مؤكدًا أن الأزهر هو منارة العالم الإسلامي، ومفخرة لكل عربي، وأن المسلمين حول العالم يحملون مشاعر الحب والانتماء لهذه المؤسسة العريقة وفضل علماء الأزهر واعتدال منهجه الوسطى، وصلابة مواقفه ودعمه الموصول للمملكة الأردنية الهاشمية، النموذج في الحب والأمن والأمان، ومرجعية القيادة الهاشمية.
(الرأي)