يكشف جاك اوكونيل مدير محطة المخابرات الامريكية في عمان (1963-1971) كثيرا من الحقائق المتعلقة بالملك الراحل الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، والأردن والمنطقة، منذ العام 1958 واثناء عمله في عمان ومن ثم بعد تعيينه محاميا ومستشارا للملك في واشنطن 1971.
عام 1958 اكتشف الأمريكان اتصالات بين الملحق العسكري في السفارة المصرية والملحق العسكري في السفارة الأردنية في واشنطن (م.ر) تفيد بالتخطيط لإنقلاب عسكري مدعوم من الرئيس المصري جمال عبدالناصر. توجه اوكونيل الى عمّان واطلع الملك على التسجيلات.
تم اعتقال جميع المتورطين وجرت محاكمتهم امام المحكمة العسكرية وصدرت بحقهم احكاما متفاوتة. الا ان الملك اصدر، بعد فترة، عفوا عنهم.
قبل وفاته عام 1999 طلب الملك الحسين من اوكونيل ان يكتب كل شيء عن سيرته كي يعرف الناس الحقائق. سأله اوكونيل: كل شيء؟. اجاب الملك: قلتُ كل شيء، لا اشعر بالخجل من اي شيء فعلته..!
في كتابه "مستشار الملك"، يروي اوكونيل كيف اتصل الملك الحسين بالرئيس المصري جمال عبدالناصر وابلغه مرتين بأن اسرائيل ستهاجم مصر صباحا في اليوم التالي. ولكن عبدالناصر شكّ بالامر ورفض تصديقه.
في اليوم التالي دمرت الطائرات الاسرائيلية كافة الطائرات والمطارات المصرية وهاجمت، بنفس الوقت، مطار عمّان العسكري ودمرته وقام طيار اسرائيلي بقصف مكتب الملك في قصره في رغدان بصاروح اخترق نافذة المكتب ودمره.. ولم يكن الحسين موجودا.
لاحقا وفي اتصال بين الملك وعبدالناصر اعترف الأخير انه لم يصدق كلام الملك ولم يأخذ تحذيراته على محمل الجد.
كانت تقديرات السفارة الأمريكية، حسب ما يقول اوكونيل تشير الى ان الجيش الأردني سيحسم الصراع العسكري مع المنظمات الفلسطينية المسلحة في ايلول 1970، على عكس التقارير "المُضلّلة" التي كان يقدمها عميل المخابرات الامريكية الذي تم تجنيده في عمّان "علي حسن سلامة" مسؤول الأمن في حركة "فتح"، والذي اغتالته المخابرات الاسرائيلية بعد عدة سنوات في بيروت.
بعد الغزو العراقي واحتلال الكويت في الثاني من آب 1990 تلقى الملك الحسين اتصالات من زعماء العالم وقيادات عربية من بينها الملك السعودي فهد بن عبدالعزيز للتدخل وانهاء الأزمة.
طار الحسين الى بغداد والتقى الرئيس العراقي صدام الحسين وبقوة اقناعه وشخصيته استطاع الحسين اقناع صدام بالإنسحاب من الكويت خلال اربعة ايام. لكن بيان وزراء الخارجية العرب المجتمعين بالقاهرة وباصرار من الرئيس المصري حسني مبارك على ادانة صدام حسين والبدء بعملية التحشيد الدولي اغضبت صدام.
يقول اوكونيل ان ".. بعض المسؤولين الأردنيين، في تلك الفترة، كان لهم ارتباطات مالية وتجارية مع صدام وبعضهم كان يدير عمليات بيع اسلحة للعراق"...
في منتصف التسعينيات قدّم رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين عرضا للاردن لنقله لصدام حسين بأنه مستعد لتوقيع معاهدة سلام بين العراق واسرائيل، وابدى استعداده للذهاب الى بغداد والإمساك بيد صدام والتلويح بهما معا في الساحة العامة. ارسل الملك مسؤولا كبيرا كان متعاطفا مع صدام. لم يقم المسؤول الأردني بنقل اقتراح رابين "كما هو" بل تلاعب به، واخبر صدام ان الاقتراح هو من بعض يهود ديترويت المتحمسين والقريبين من رابين. بعد شهرين قتل رابين على يد احد المتطرفين اليهود.
كتاب مليء بالأسرار والخفايا ليس فقط المتعلقة بحياة الملك الحسين والاردن وانما بدول المنطقة وتفاصيل السياسة الخارجية والأمنية والإستخبارية الامريكية ونظرتها للمنطقة، خاصة، بعد سيطر المحافظين الجدد المتصهينين على مقاليد السياسة منذ عهد جورج بوش الابن.