كل سنة او سنتين نتكلم بنفس الموضوع، لكن ما في جدية بالمتابعة ولا يتم حل المشكلة، وكل التركيز سيكون في محاربة البطالة ويجب العمل على مراكز التدريب في المملكة"
هذا ما قاله جلالة الملك خلال اجتماعه الثلاثاء، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، في قصر الحسينية بعدد من المسؤولين لمتابعة خطط الحكومة للتشغيل.
هذه ليست اول مرة التي يوجه فيها الملك الحكومة بما يتعلق بالبطالة تحديداً. فمن خلال كتب التكليف والاجتماعات كان دائما يوجه الحكومات بإجراءات واضحة، تحفز الاقتصاد الوطني تلامس حاجات المواطنين المعيشية وتخفف البطالة.
البطالة والفقر من العبارات التي اصبحت عابرة للحكومات وحجم البطالة في ازدياد.
البطالة بفئة الاناث الحاصلات على البكالوريس مثلا وصلت الى82% مقابل 27% لفئة الذكور. وبطالة بفئة الاناث بعمر 15-24سنة وصلت الى 63% مقابل 27% بفئة الذكور.
ارقام مرتفعة وخطيرة ولا بد من اي قرار اقتصادي ان يأخد بعين الاعتبار تأثيره على البطالة وعلى هذه الفئات المهمة التي اصبحت بمهب الريح.
البطالة خلال العشر سنوات الماضية تضاعفت من 12% في 2012 الى اكثر من 24% في نهاية 2021. والاسباب كثيرة منها غياب المشاريع التنموية التي من شأنها رفع معدلات النمو وتخفيض نسب البطالة، وايضاً غياب حقيقي للحوافز للقطاعات الانتاجية الهامة. واخيرا عبء ضريبي كبير يتمثل بضريبة المبيعات التي تضعف القوة الشرائية وتُضعف العملية الانتاجية.
لا حل لهذه الظاهرة إلا من خلال وصفات وبرامج تخرج من رحم التحديات وليس من خلال الطريق "الكلاسيكي” في ادارة المالية العامة.
خطط كثيرة خلال العشر سنوات الماضية ولم نلمس اي نتائج تذكر السؤال الاهم؛ هل خططنا الاقتصادية الحالية في القطاعات المختلفة قادرة جميعها على احداث النمو المطلوب.. الاجابة طبعأ لا، والدليل ان نسب النمو في العشر سنوات الماضية لم تتجاوز 2% وهذه نسبة متدنية جدا لخلق وظائف ناهيك على تخفيض نسب البطالة.
مفتاح البطالة الحقيقي فقط في زيادة الاستثمار ورفع حجم الصادرات. وهذا يحتاج الى برامج عمل تبدأ بتخفيض كلف الانتاج ومعالجة اختلالات النقل والتمويل والتشوهات في النظام الضريبي ومعالجة لنظام الشيكات وفترة التقاضي.
بالنهاية نحن بحاجة الى وصفة مختلفة لادارة الاقتصاد وفي بناء الموازنات، وإلا بقينا في نفس الدوامة؛ عجز، مديونية، نفقات جارية مرتفعة، وبطالة في ازدياد ونمو متدني، تراجع في الاستثمار وشباب بلا عمل.
اخيراً التدريب المهني والتعليم التقني وصفات مهمة لخفض معدلات البطالة كما اشار جلالة الملك. لن نستطيع تشغيل الاجيال القادمة، إلا بوجود تمكين تقني ومهني ومواءمة التخصصات لسوق العمل وهذا لا يكون الا من خلال تشغيل مراكز التدريب بالتشاركية الحقيقية مع القطاع الخاص.