حينما تغيب العدالة سنتوقع الأسوأ
النائب زينب البدول
20-01-2022 10:25 AM
هدفت الرؤى الملكية السامية الى تحقيق التنمية الوطنية الشاملة والمتوازنة؛ في كافة أنحاء الوطن، وهذه العملية تقوم على عناصر عدة ابرزها استثمار الموارد وإدارتها وتوجيهها والمشاركة بها؛ بما يحقق العدالة الاجتماعية والمستوى الكريم من العيش لكافة المواطنين، فالتنمية الناجحة تلك التي تقوم على الشراكة والتعاون والتوازن والقيم الحميدة.
ومن هنا جاءت التشريعات التي تعزز المشاركة الشعبية في مجمل العملية التنموية والادارات المحلية، واستثنت التشريعات بعض المناطق ومن ضمنها البترا، وجاءت هذه الاستثناءات مبررة من قبل الحكومات المتعاقبة، غير أنه ومن خلال التجربة الطويلة فإننا نلاحظ بأنه تم استغلال هذه الاستثناءات وتوظيفها لتخدم فئاتا وأهدافا غير تلك التي أعدت لها، بحيث تشكلت في البترا نتيجة هذه الممارسات والسياسات؛ ظواهر ادارية وسلطوية افسدت العملية التنموية، ولو كانت تلك المفوضيات تقوم على اسس ديمقراطية تفرز ممثلين عن المجتمعات المحلية لكانت الأمور أفضل حالا.
في البترا ومنذ تأسيس مجلس مفوضيها، حرم السكان المحليون من ممارسة حقهم الشرعي في الممارسة الديمقراطية المتمثلة في التخطيط والادارة والمشاركة في العملية التنموية وإدارة شؤون مناطقهم، اذ تم تهميش اربعة تجمعات محلية – وهي التي تمثل المكون البدوي في البترا- من أصل ستة تجمعات يتشكل منها لواء البترا، وأصبحت العملية الادارية والتنموية والسياحية تدار من قبل نفر قليل يدعي الخبرة والوصاية على كافة المجتمعات الستة، ويتم توجيه السياسات بطرق غير سليمة بحيث تخدم فئات محددة، فيما يتم تبني نهج الاقصاء والتهميش والافقار للمجتمعات الضعيفة ووقف تطورها، كما ان هذه السياسات وهذا النهج الأحادي الوصائي قد أسهم في تراجع التجمعات البدوية الاربعة وعمل على إضعافها واستبعادها اجتماعيا وتنمويا، وينعكس ذلك بشكل واضح من خلال ضعف ملحوظ في البنية التحتية وتراجع كبير في مستوى الخدمات والتعليم والصحة الى جانب الإهمال المتعمد (يمكن مراجعة توصيات اليونسكو وكل التقارير والأبحاث المحلية والاجنبية التي تناولت هذه القضايا وأكدتها وهي موثقة لدينا)؛ فإن تلك المجتمعات من ذوي الحقوق المنقوصة كانوا ولا زالوا يوجهون الشكاوى والمطالب تلو المطالب الى الحكومات المركزية للالتفات لأوضاعهم ومعاناتهم، لإيمانهم الراسخ بأننا نعيش في دولة القانون وليس في شريعة الغاب، لكن الحكومات ومن ضمنها حكومتكم تميزت بالمحاباة واللامبالاة تجاه تلك الشكاوى والتظلمات وهذا يعكس جوهر هذه الحكومة القائم على تقديم الجزئيات المرتبطة بالفئات والحواشي المتنفذة ذات المصالح الخاصة، وبذلك تكون حكومة دولتكم قد حادت عن نهج العدالة والإنصاف واحترام كرامة الإنسان وهو نهج الهاشميين الذي شكل روح الدولة الاردنية الحديثة.
إن المواطنين في البترا يتطلعون الى المشاركة في العملية الادارية والتنموية والسياسية، والى الوصول الى معادلة مقنعة بتوزيع مكتسبات التنمية لكن سياسات حكومتكم تجاه الأوضاع في البترا تميزت بالمحاباة واللاعدالة وبذلك تزداد الاختلالات التنموية والطبقية، التي تقود الى الاحتقان والتوتر ما يهدد السلم المجتمعي في البترا، ويحرم أصحاب الحقوق من مكتسباتهم ومواردهم، فهؤلاء أولا وآخرا مواطنون وليسوا رعايا، ولا يحتاجون الى وصاية أي كان، وهذه الرسائل التي ما فتئت تخرج بين الفينة والأخرى لتطالب بحقوقها بالتمثيل في مجلس المفوضين او بالتوزيع العادل لمكتسبات التنمية؛ تمثل الخطاب العقلاني مقابل الخطاب الإقصائي، وأخيرا وليس آخرا فإن الحقوق راسخة بشرعيتها وعدالة مضامينها ولا تقبل المساومات والرهانات الخاطئة، فاحذروا صولة الحليم إذا غضب ،،اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.