لا شك أنها خسارة موجعة تمثلت باستشهاد النقيب موسى الخضيرات أثناء تأديته واجب الدفاع عن أمن الوطن من مهربي المخدرات على الحدود. وبوفاته تفتح الجراح من جديد تجاه الخطر الذي يتربص بالأردنيين من هذه الآفة التي باتت اليوم بمثابة تحد كبير وجب على الدولة التعامل معه بشكل حاسم وبكافة الأدوات الممكنة.
الحزن الذي شعرنا به عند إعلان وفاة الشهيد لا يتأتى من ناحية إنسانية فقط، كما أن مدح بطولة النقيب الخضيرات ليس كافيا، ولن يمنحه حقه علينا، إذ يجب أن يكون يوم استشهاده يوم إعلان حرب على محاولات تهريب المخدرات والسلاح إلى داخل البلد، مهما كلفت.
ولا يكفي أن تكون حربا على الحدود، فتغيير قواعد الاشتباك مع المهربين الذي أعلن عنه قائد الجيش بهدف زيادة فاعلية مكافحة محاولات التهريب أكثر فاعلية أمر بالغ الأهمية ومطلوب، لكن ما هو مهم أيضا هو الوقوف على تساؤلات: لماذا تزداد يوما بعد يوم حالات التسلل، وتهريب المخدرات، والسلاح، عبر الحدود التي يجب أن تكون مراقبتها مسؤولية كافة الدول المتجاورة؟ وإلى متى سيبقى الجيش الأردني يتحمل عبء السيطرة الأمنية على هذه الحدود وحده؟
على المسؤولين الأردنيين الإسراع في مخاطبة الشقيقة سورية بهذا الشأن، والاتفاق معها ليقوم كل طرف بواجبه في حماية حدوده لما في ذلك من ضرورة لتحقيق مساعي القضاء على محاولات التهريب. لا بد من تعزيز التنسيق الأمني الثنائي، وبشكل صحي ومثالي، فالجميع يعلم جيدا حجم وهوية الميليشات المنتشرة على الحدود مع الأردن، ويعلم كذلك غاياتها.
إن تصفية المهربين ممن يسعون إلى الإضرار بالبلد وأبنائه، خيار لا بديل عنه مهما كانت هويتهم أو جنسيتهم، الأمر الذي سيشكل رادعا لكل من تسول له نفسه العبث بصحة الأردنيين، وتدمير جيل كامل، فالأرقام التي سجلت بشأن مضبوطات تهريب المخدرات خلال اليومين الماضيين لا يمكن التهاون معها. نحن نتحدث عن 6 ملايين حبة مخدر في عمليتين اثنتين، مقارنة بـ15 مليونا خلال العام الماضي كاملا، الذي سجل فيه 361 محاولة تسلسل بمعدل واحدة كل يوم!
في المقابل، فهناك حرب أخرى يجب أن ندق طبولها، غير تلك التي على الحدود، ويتم فيها استهداف التجار والمروجين في داخل حدود الدولة، عبر بذل المزيد من الجهود لمراقبة وضبط الخلايا الفاعلة في تجارة المخدرات، فهؤلاء هم الحلقة التي توطن المخدرات داخليا، وتعمل على بيعها وترويجها في حدود المملكة ليتعاطاها الأردنيون، فيما يعمدون إلى تهريب جزء منها إلى دول الجوار.
لا يمكن تحمل المزيد من الخسائر، ولا يمكن قبول أن يتوشح البلد بالسواد حدادا على أرواح جنوده ممن يستشهدون في الدفاع عن عرينه، ليكونوا فيما بعد في طي النسيان، بانتظار أن نفقد المزيد والمزيد لا قدر الله، فكل الأردنيين يقفون خلف دولتهم في هذه الحرب التي يجب ألا تبقي ولا تذر.
الغد