لا اعرف بدقة اعداد الاردنين الذين نزحوا الى تركيا في الاعوام العشرة الاخيرة لكن الرقم يتجاوز الالاف. الاسر والشباب ورجال الاعمال والكثير ممن فقدوا الامل في تغيير الواقغ وتبدل الظروف اختاروا النزوح الى ارض الامبراطورية التي حكمها سليمان القانوني وبنيت امجادها على ايادي محمد الفاتح والسلطان عبدالمجيد وشاخت في عهد عبدالحميد بعد ان انهكتها المؤامرات واتعبت جيوشها الفتوحات التي دقت ابواب العديد من عواصم العالم الاوروبي اليوم..
صباح هذا اليوم هاتفني صديق وفي صوته الكثير من الدافعية والحماس الذي لم يعد ملمحا من ملامح اصوات الشباب الاردني الذي تأجلت احلام من بقي منهم هنا بعد ان نجحت دبي والشارقة وقطر في جذب كل الحالمين والطامحين في النجاح على شروط الكفاءة والمنافسة واللازبائنية وبعدما شحت الفرص التي لم تعد تكفي لابناء المحظيين واعضاء النوادي التي لا ترى ان غيرها جديرين بالرفاه والوظائف والمجالس والمواقع التي يجري التقدم نحوها بمسارات الخط السريع المخصص لهذه الفئة.
لم يستطع صاحبنا الذي بدى صوته ملجلجا خارج ايقاع الاصوات المحلية ان يخفي او يتأخر قليلا في التعبير عن حجم سعادته انه اختار تركيا مستقرا ومقاما.. فقد تحدث عن بيته الشاطئي وجيرانه المنحازين للحياة وعشرات الجيران والاقارب الذين هاجروا واستقروا في البلد الذي يشعر اهله بالطمأنينة لمستقبلهم والاعتزاز بالقرارات التي تتخذها قيادتهم وحجم الكبرياء والزهو الذي تمنحه لهم انتماءاتهم الوطنية..
لقد حاول صاحبي استدراجي للتفكير في تغيير عنواني السكني ليصبح انتاليا بدلا من تل القمر. .... لكني قطعت عليه الحديث واستعرت من تراثنا الشعبي مقطعا يقول.... "قالوا بدل ما ابدل.... قلت ما ارضى البديلة...... كيف ابدل عشيقي... يا العقول الهبيلة"
طوى صاحبي ما تبقى لديه من اوراق وعدنا نتحدث عن المطر... وعن العالوك... وعمون.... ودولة الرئيس...ومستقبل المياه.. وفيضان سد وادي شعيب.