أولاً من حيث المبدأ الملاحقات الضريبية والتسويات مع كبار المستثمرين ورجال الأعمال والشركات وحتى الأفراد يجب أن تبقى سراً من الأسرار لأن الفصل فيها هو للقضاء فإن قال كلمته انشروا ما شئتم وافضحوا ما شئتم!
هذا أسلوب مرعب بالنسبة للمستثمرين بمن فيهم الملتزمون الذين لا يخافون مجرد توجيه سؤال بل يخافون تسريب أن السؤال قد تم توجيهه وهات يا نشر غسيل يصبح حديثا للعامة ويغذي الحقد والضغينة ضد المستثمرين ولا عجب ان نسمع عن مئات حالات الابتزاز!
حتى الآن لم تكشف الحكومة عن قانونها الجديد للاستثمار، وحتى الآن لم يكشف الوزير المتحمس عن خططه واظنها لن تكون مفيدة إن لم يكن قرار الاستثمار وملحقاته مثل التراخيص والتسجيل وتحديد الموقع وتصاريح العمل وعشرات الاجراءات المتشابكة بيده.
ظلت الحكومات المتعاقبة حائرة في شأن قيادة ومرجعية ملف الاستثمار, وظلت الأقدار تتخاطفه فمرة وزارة ومرة بلا, وثالثة لا أسود ولا أبيض..
فعلاً محير أمر الحكومات فهي لم تستقر بعد على إجابة واحدة واستراتيجية.. أي شكل لإدارة ملف الاستثمار تريد؟ وهل نريد الاستثمار بحد ذاته؟
هناك توافق وقناعة بأن الأردن بحاجة للاستثمار وهو الطريق الوحيد لرفع معدل النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل.. كل الحكومات تصرخ بهذه الحقائق لكنه صراخ لا يفارق الحناجر فهذه هي الأقوال لكن في الأفعال شيء آخر!
منح الاستثمار أهمية وخصوصية يحتاج الى ارادة وأكثر من ذلك جدية وتصميماً لتجاوز المعيقات وهي من صنع الوزارات المنافسة وأدوارها المتشابكة والمتقاطعة في معظم الأحيان.
وفي الاستثمار حدث ولا حرج فالوضع الراهن ليس مقبولاً ليس فقط لأنه طارد للاستثمار، بل لأنه عدو للاستثمار وللمستثمرين الأردنيين والعرب والأجانب..
٥٢ وزارة ومؤسسة تحشر أنفها في قرار الاستثمار، الذي يدار بـ ٤٤ قانوناً وأكثر من ١٨٨٠ نظاماً وتعليمات!
مثلا يضغط وزير الصناعة والتجارة على مصانع الاسمنت لتخفيض الاسعار ومساواة أرباح المصانع مع أرباح التجار، والفرق أن استثمارات المصانع تتجاوز ملياري دينار وفرص العمل المباشرة وغير المباشرة فيها ٢٥ ألف فرصة، بينما أن التجار هم وسطاء لا عمالة ولا رساميل كبيرة ولكي يزيد من الضغوط قرر فتح باب الاستيراد لسوق مشبع وكأن مشاريع الأعمار طافحة في البلد!
هذه قرارات شعبية لا تفيد الاقتصاد بشيء تماما مثل استيراد الدجاج المجمد، بينما أن مصانع الدواجن تعاني خسائر وبدلا من محاربة تجارة الأعلاف لتخفيض أسعار اللحوم البلدية يسمح باستيراد خراف جورجيا مفصولة «اللية"!
كل هذا يجعل البلد غير جاذب للاستثمار والسبب ليس في القوانين بل في القرارات الارتجالية..
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي