في السنوات الأخيرة تعود الأردنيون أن كل حكومة تأتي إلى الدوار الرابع تكون حاملة لملف يتعلق برفع سعر سلعة استرايجيه تحتل مساحة كبيرة في عمق حياة الناس، أو حاملة لمشاريع قوانين وتشريعات من شأنها أن تزيد الضغط على المواطن وتعمق من معاناته، هذا إضافة إلى اشتراك جميع الحكومات في التنافس برفع أسعار المحروقات شهريا حتى وصلنا إلى الزمن الذي بتنا نرى فيه الأردني يحمل بيده زجاجة ماء صغيرة لتعبئتها بمادة الكاز لمحاولة تدفئة أطفاله في ليالي الشتاء القارصة.
هذه الحكومة جاءت وهي تحمل معها ملف الكهرباء، تحت عنوان منمق كما جرت العادة وهو إعادة توجيه الدعم لمستحقيه واختصار الشرائح، وربما ملف المياه قادم، وبدأنا نسمع كما تعودنا الإسطوانة المشروخة التي ملها الأردنيون أن هذا الإجراء يأتي لدعم الفقراء ورفع الدعم عن غير مستحقيه، وأن معظم الأردنيين لن يتأثروا بالإجراءات الجديدة، وبالطبع هذا الكلام غير صحيح حيث أن الفقير هو الذي يتأثر وتزداد الحياة ضيقا عليه، حيث نكتشف دائما عندما تنجلي الأمور أن الفقير وحده هو المتضرر وتعمقت معاناته.
لا أحد يدري إلى متى سيظل هذا البرنامج عابرا للحكومات يضغط على الناس الذين لم تعد تكفيهم دخولهم الا أيام معدودة من الشهر، هذا عن الذي له راتب، فما بالك بالمسكين الذي يجمع قوت أولاده بالمياومة.
هذه الحكومة "بشرت" انه لا يوجد ضرائب جديدة على الناس هذا العام، ولكنها في المقابل فتحت ملف الكهرباء الذي ما زال المعنيون عاجزون وغير مقنعين في تبرير التعديلات الجديدة على التعرفة الكهربائية، حتى أولئك الذين لجؤوا إلى الطاقة الشمسية للتوفير في فواتير الكهرباء سيتأثرون سلبا في الإجراء الجديد.
كانت هذه الحكومة ومن قبلها من الحكومات تهلل لاستخدام الطاقة الشمسية، واليوم تنقلب على قولها وتعود للاقتصاص ممن صدق رواية الطاقة البديلة، وحدث ولا حرج عن الإجراءات الحكومية التي تلاحق الناس أينما ذهبوا للتوفير على أنفسهم.
مسلسل رفع الاسعار في الأردن بات طويلا ومن الواضح أن لا نهاية له، والناس يدفعون الثمن ولكن إلى متى سيكون بإمكانهم دفع هذا الثمن، حيث لم يعد لديهم شيئا يقدمونه، فالطاقة ضاغطة على أعصابهم والتعليم كذلك والطبابة أيضا ناهيك عن إيجارات المنازل التي جعل القانون الحالي أي مواطن يسكن بالإيجار في مهب الريح، ويأتي من يقول لك يجب الحديث عن الإنجازات "إن وجدت" بدل الاستمرار بالنقد وكأنه يريد رش الملح على الجرح.
المواطن الأردني من أكثر إن لم يكن أكثر مواطن في العالم يدفع ضرائب ورسوم ويتعامل مع رفع أسعار مستمر لكافة السلع والخدمات التي يحتاجها، في ظل توقف تام لنمو دخله، لذلك نقول أن الإصلاح الاقتصادي هو أهم ألف مرة من الإصلاح السياسي ويجب أن يسبقه، فالجائع لا يهتم بسد جوعه وجوع أبنائه وحاجتهم قبل أن يفكر بالمشاركة السياسية، اتركونا من قصة التمكين السياسي واعملوا على التمكين الإقتصادي للناس حتى تستوي الأمور عندهم.