من أكثر الألفاظ استعمالا ووصفا للأردنيين النَّشَامى ومفردها نَشْمي ونشمية ، ونُسْأَلُ هل لها أصل لغوي أو هل هي فصيحة .
والجواب : نعم هي فصيحة وسليمة من حيث المعجمية اللغوية وتطور طبيعي في الدلالة ، وعدم استعمالها قديما في عصور الاحتجاج اللغوي بالدلالة المعاصرة لا يجردها من سلامتها.
أولا . النَّشَم شجر جبلي تتخذ منه أجود القِسي ( جمع قوس ) ، وذكره الشاعر الجاهلي الهُذلي ساعدة بن جُؤَيَّة في وصف الوَعْل الجبلي الذي يأوي إلى رؤوس الجبال التي لا ينبت فيها إلا شجر القان والنشم:
يأْوي إِلى مُشْمَخِرّاتٍ مُصَعِّدةٍ
شُمٍّ، بِهِنّ فُروعُ القانِ والنَّشَم
فلا يصل إلى رأس الجبل ليقطع عيدان النشم إلا أولو الهمم والبأس والصبر أصحاب الأخلاق الوعرة والأجسام الخشنة ، والنسبة إليه نشَمي ونشْمي.
ثانيا . النَّشَم : وصف للثور الوحشي إن كان في جسمه نقط بيض وسود ، أي أنه علامة فارقة يراها الناظرعلى جسم الثور ، والثور الوحشي يرمز في الشعر العربي القديم ( قصيدة المدح ) إلى القائد المحارب البطل الذي ينتصر بفعل قوته في الحرب على كل أعدائه ، فصورة الثور تظهر في القصيدة القديمة وحيدا في ليلة شتوية مظلمة ممطرة باردة شديدة الريح فيحفر في الأرض حفرة تسمى كُنَاسًا ليقيَ نفسه ويبقيها حية ، فيجلس فيها حتى تشرق الشمس وحينما يهم بالخروج تظهر أمامه مجموعة من كلاب الصيد مدربة مُجَوَّعة يقودها صائد ماهر فتهاجم الثور فيواجهها بقرنيه وينتصر عليها فيمشي منتشيا مزهوا، فالثور ينتصر على الطبيعة ليلا وعلى العدو صباحا ، ولا شك أن كلمة النشمى تحمل دلالات القوة والاعتماد على النفس والصراع مع الآخر العدو والانتصار.
ثالثا : نَشَّم في الموضوع : نشب وخاض فيه ولا يكون ذلك إلا في الشر ،وهذا يستدعي قوة في الجدال وجرأة في الإقدام ، ولعل هذه الصفة من مميزات النشمي.
ملاحظة : أكثر الألفاظ تطورت من معناها المادي إلى الرمزي ، فمثلا : الشرف المكان المرتفع المشرف ، ثم استعمل رمزا لأعز ما يملكه الإنسان ، وكذلك الأنف عضو في الوجه ومنه أخذت الأنفة ، والغُرَّة.
فنشمي ونشمية فصيحتان سليمتان من حيث الاستعمال اللغوي ، تحملان دلالات القوة والبأس والشهامة والنخوة والصبر والكرم وجِدة في الحياة ونفس تعاف العار.