صفقة التعديلات الدستورية بين فرسان المئوية الأولى، وفريق تجديد الحكم وتأهيل المملكة، المتطلع لعبور آمن للمئوية الثانية، أثبتت مدى الجدية والتصميم لعملية الإصلاح والتحديث والعصرنة للدولة الأردنية. مثلما كشفت عن مدى تشبث قوى القديم السياسي والاجتماعي بالحصول على"بوليصة تأمين على الحياة" لمصالحها وامتيازاتها لقرن جديد من عمر دولتنا.
ولأن "الكتلة التاريخية، السياسية والإجتماعية هي قيد التشكل، وهي بحاجة لـ"ثوره" لا نرغبها، وارتضينا ب"التدرج"، وهو فن أجاده الهاشميون عبر محطات عديدة، جنبت البلاد والعباد الكلف الباهظة التي دفعها وتدفعها بلدان وشعوب شقيقة، فما لنا والله سوى تجرع قليل من المر ،حتى لا نجبر على ما هو أمر منه!
إننا ندفع ثمن العجز الذي توطن في نفوس "النخب" من قوى التجديد على مدى العقود الماضية، وعدم قدرتها على التقاط الفرص، التي أتيحت غداة هبة نيسان 1989 أو إبان ازدهار الربيع العربي بنسخته الأردنية، أو في ثنايا المبادرات الملكية وأوراقها النقاشية، فبدلاً من توجهنا لمراكمة وتوحيد الجهود في بناء تلك "الكتلة التاريخية" اللازمة للتغيير، إنشغلنا في مدى صدق "النوايا" أو توفر الارادة السياسية للإصلاح عند ساكن القصر العالي!
هو إذن، كما يبدو قدرنا أن يتعايش الجديد مع القديم، وأن يتم رفع رزمة من قوانين عادية لمستوى "سمو الدستور" وتحصينها بعيداً عن أن تطالها يد الإصلاح أو التعديل في عملية تبدو وكأنها "مصادرة على المطلوب"!
في السياسة، كما في الحرب، هناك إرادتان وميزان القوى هو ما يحسم نتيجة النزال أو الصراع، وها هو الشوط الأول قد انتهى بنتيجة مخيبة لفريق الإصلاح، فهل يكون الشوط الثاني - حيث قانوني الإنتخاب والأحزاب- مبشراً بالاّمال وخالياً من شغب الملاعب الذي شهدناه في مفتتح المباراة؟! ... هذا ما نأمله...!