صون التراث الثقافي الأردني (غير المادي)
إيمان صفّوري
14-01-2022 11:09 AM
من جيل الى جيل، أثرى "التراث الثقافي" المعرفة المجتمعية، وأضفى لها روح الحيوية، والتناغم مع منابتها وفروعها، و الموروثات التاريخية والثقافية لا تنتهي عند الآثار والمكتسبات المادية. بل تشمل التراث الثقافي غير المادي (ICH) الذي يشير إلى الأشياء الغير مادية ولكنها موجودة فكريا.
المملكة الأردنية الهاشمية غنية بشكل خاص بالتراث الثقافي غير المادي، ويعتبر مكونًا حيويًا للهوية الثقافية الأردنية، وموردًا قيمًا للمجتمعات المحلية، ومع تزايد العولمة يعدّ التراث الثقافي الغير المادي عاملًا هامّا في الحفاظ على التنوع الثقافي.
و يتكون التراث الثقافي الغير المادي من تقاليد موروثة أو تمثيلات حية تنتقل عبر الأجيال؛ و تعتبر التقاليد الشفوية، وفنون الأداء، والسلوكيات الاجتماعية، والطقوس، والمناسبات الاحتفالية، والمعارف والممارسات التقليدية، والدراية الفنية المرتبطة بالصناعات الحرفية التقليدية، فضلاً عن تلك المرتبطة بالطبيعة والكون.. كلها أمثلة على ذلك.
وتولي المملكة الأردنية الهاشمية، منذ إنشائها، أهمية كبيرة للشؤون الثقافية على الصعيدين الحكومي وغير الحكومي. يدير التراث الثقافي عدد من المؤسسات (مثل وزارة الثقافة، ووزارة السياحة، وإدارة الآثار، والجامعات الأردنية، ووزارة التربية، وعدد من مؤسسات المجتمع المدني) و تم تأسيس مديرية التراث في نهاية عام 2010، وذلك حرصاً من وزارة الثقافة على رعاية وصون التراث الثقافي غير المادي في المملكة. ويراعى وفق المديرية عند جمع المادة المطلوبة؛ التعرف على ثقافة الجماعة أهي بدوية أو قروية أم مدنية، انتماء الجماعة: العرب، الشركس، الشيشان، الأكراد، الدروز، التركمان، ... دين الجماعة، و مدى تمسك المقصود بثقافتها المتوارثة، و ما الذي أصاب ثقافتها من تغيير، ومتى كان ذلك وأسباب ذلك: أكان التعليم؟ أو زيادة الدخل؟ أم أسباب أخرى.
والتراث الثقافي الأردني غير المادي يتمثل في العادات والتقاليد الشائعة في المجتمع الأردني، الأدب الشعبي وأشكال التعبير، الحرف الشعبية والمهن، المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون.
على المستوى الدولي، انضمّ الأردن لاتفاقية حماية وصون التراث الثقافي غير المادي مع اليونسكو عام 2003 التي دخلت حيز التنفيذ عام 2006، وكان من الدول السباقة حيث كان رقم 41 من 134 دولة من الدول الموقعة على الاتفاقية. تهدف الاتفاقية لصون التراث الثقافي غير المادي، احترام التراث الثقافي غير المادي للجماعات والمجموعات المعنية وللأفراد المعنيين، التوعية على الصعيد المحلي والوطني والدولي بأهمية التراث الثقافي غير المادي وأهمية التقدير المتبادل لهذا التراث، و التعاون الدولي.
وأدرجت اليونسكو تراث أردني لقائمة التراث الثقافي غير المادي؛ شمل الفضاء الثقافي للبدو في البتراء ووادي رم، "فن السامر" فلكلور الفرح الاردني، نخيل التمر؛ المعرفة، المهارات، التقاليد، والممارسات، الخط العربي؛ المعرفة، المهارات، والممارسات.
تكمن أهمية التراث الثقافي غير المادي في ثروة المعارف والمهارات التي تنتقل عبره، عدا عن المظهر الثقافي، والاندماج الحضري الدالّ على مرونة المجتمع.
وفي الواقع، ان التراث الثقافي غير المادي جزء لا يقدر بثمن من الثقافة الأردنية. وللأردن علاقات ثقافية متميزة مع بلدان مختلفة حول العالم، و يسهم من خلال معاهداته وعلاقاته الخارجية في ابراز التراث الثقافي غير المادي، حيث يشارك الأردن بإرسال وفود من الموسيقيين الأردنيين والفرق الموسيقية الأردنية للأداء في المهرجانات للدول الشريكة فضلا عن المشاركة في المناسبات والاعياد الوطنية.. والتراث الغير المادي بمجمل انواعه صورة الشئ المعنوي والشاهد الحي للإنسانية ويساعد في تعزيز الحوار بين الثقافات، وينمّي الاحترام المتبادل لأنماط الحياة المتنوعة.