أيام قليلة تفصلنا عن قدوم رمضان, لتنتقل بوصلة اهتمامات الشارع العام من الحديث عن الانتخابات والسياسة وسفن الحرية الى غزة وتطورات الشأن العراقي الى التركيز على اسعار اللحوم والخضار وارتفاع الاسعار والارجيلة وغيرها من القضايا التي تتنافى مع قيم الشهر الفضيل.
موجة الغلاء المقبلة إن حدثت فعلا فهي ليست الاولى, فقد اعتاد الاردنيون على تلك الحالات ليس فقط في رمضان بل على مدار الاشهر المختلفة, وكانت الاسواق وما يدور فيها محل تجاذبات بين الحكومة والتجار والاعلام.
الحكومة مطالبة وتحت ضغط الرأي العام ان تمارس دورها الرقابي على اسعار السلع والتأكد من عدم مغالات التجار في هامش الارباح من جهة, وتوفر المنتجات وبدائلها بمواصفات عالية من جهة اخرى, خاصة مع تآكل القوة الشرائية للمواطنين بسبب ارتفاع جملة من الاسعار عليهم وهو امر اثر سلبا على امنهم المعيشي.
اما التجار فهم مطالبون اليوم اكثر من اي وقت مضى بتحمل مسؤولياتهم الاجتماعية تجاه المواطنين والمساهمة في التخفيف من معاناتهم المعيشية بالتزامهم بتوفير السلع باسعار معتدلة تكون في متناول الجميع والتخفيف من هامش الربح, الذي لن ينخفض بالمجمل بل قد يزداد في حال اتساع قاعدة البيع.
المواطنون هم الحلقة الاضعف في معادلة الاستهلاك لكنهم الاهم, فثقافة الاستهلاك والوعي بمحدداتها امر مفقود لدى المجتمع الاردني الذي اعتاد على الانفاق بغير حساب ودون وعي باساليب ضبطه او ترشيده, فاذا ما جاء رمضان انفتحت شهية الاسر الاردنية نحو البذخ والصرف غير المبرر والهلع للاسواق والتبضع باسلوب وكأن البضاعة ستنفد من السوق بشكل لا يتناسب مع دخل المواطنين انفسهم من جهة ويتنافى مع المنطق من جهة اخرى.
في اسواق الدول المتحضرة التي تتحكم بها قوى السوق الحر تكمن فاعلية تلك الاسواق بان اطراف المعادلة التجارية من حكومة وتجار ومستهلكين يعملون في ظل اجواء من المنافسة الحرة التي توفر البديل تلو البديل مصحوبة بعمليات رقابة فاعلة على السوق مع وجود هيئات وجمعيات حماية مستهلك لها دور رائد في ترشيد الانفاق وتوجيه المستهلك نحو البديل الافضل, هذه الحالة ما زالت متواضعة بحضورها في المشهد الاردني والامر بحاجة الى خطوات اكثر وضوحا وجرأة مما هو عليه الان.
العرب اليوم
salamah.darawi@gmail.com