في دراسة مشتركة لصندوق النقد الدولي والبنك المركزي جرت محاولة للبحث عن العوامل التي أدت إلى انخفاض نسبة نمو التسهيلات المصرفية المقدمة للقطاع الخاص من 5ر16% في عام 2008 إلى 2% في عام 2009.
مبدئياً تقرر الدراسة احتمالين في مستوى البديهيات ، الأول جانب العرض أي أن البنوك أصبحت أكثر حساسية للمخاطر وأكثر تحفظاً ، والثاني جانب الطلب أي أن الركود الاقتصادي قلل الطلب على التسهيلات بسبب تأجيل مشاريع التأسيس والتوسع.
من الطبيعي أن يكون العاملان صحيحين ، وقد أثر كل منهما إلى هذه الدرجة أو تلك ، ولكن السؤال الذي يجب طرحه ما إذا كان نمو التسهيلات المصرفية في سنة 2008 بنسبة 5ر16% هو نمو صحي كان يجب أن يستمر ، أم تضخم باتجاه الفقاعة كان يجب أن يوضع له حد.
يزيد من أهمية السؤال أن نعود إلى سنوات سابقة لنجد أن التسهيلات المصرفية كانت قد ارتفعت بنسبة 25% في 2005 ، 26% في 2006 ، 7ر15% في 2007 ، وبذلك تكـون قد ارتفعـت بنسبة 110% خلال أربع سـنوات (2004-2008) ، مع أن نمو الودائع في هذه السنوات كان يتراوح حول 12 بالمائة فقط سنوياً.
ما حدث في 2009 إذن يمكن أن يأتي تحت باب التصحيح الذي تفرضه حالة الاختلال في نسبة التسهيلات إلى الودائع التي و صلت إلى مستويات شاهقة لا يجوز السكوت عليها.
هذا التصحيح لم يبلغ مداه في 2009 ، ويجب أن يستمر في 2010 إلى أن تهبط نسبة التسهيلات إلى الودائع إلى مستوى 60% على الأكثر ، خاصة في ظل توسع البنوك في إقراض الخزينة.
مما يبرر سياسة التحفظ المصرفي إن معدل القروض غير العاملة (المتعثرة) ارتفع كدليل على أن نوعية بعض المقترضين هبطت ، ومخاطرهم ارتفعت ، وقيمة ضماناتهم من عقارات أو أسهم هبطت ، والحاجة لأخذ استدراكات كبيرة لمواجهة الديون المتعثرة ازدادت.
الدراسة المشار إليها أعلاه وضعت اللوم على جانب العرض وتغير سلوك البنوك في مناخ الأزمة العالمية واتساع فرق الفائدة بين الدينار والدولار.
مشكلة هذه الدراسة أنها تفترض أن الوضع قبل عام 2009 كان مثالياً أو طبيعياً ومقبولاً ، وأنه يصلح كمقياس للاستمرارية في منح الائتمان بنفس المعدل الذي كان سائداً في 2008 وقبله.
د. فهد الفانك
الراي