الازمات التي تواجه معظم القطاعات وخاصة الخدمية منها،ناتجة عن غياب التخطيط للمستقبل،اوعدم تنفيذ الخطط الموضوعة لمواجهة تحديات السنوات القادمة في الاوقات المحددة لها ،وهي في الغالب خطط تنموية خمسية او عشرية ،اما لعدم توفر التمويل الكافي للتنفيذ،او بسب استخدام المخصصات المالية المرصدة لها لاغراض اخرى.
كثيرا ما تصطدم قطاعات المياه والصحة والتعليم على سبيل المثال، بأزمات مفاجئة ومختلفة،حيث يعاني الاردن حاليا من ازمة مائية صعبة،سوف تصل امرحلة حرجة في الصيف المقبل اذا استمر ضعف الهطول المطري كما هو الآن،وسوف تتفاقم الازمة خلال السنوات القادمة اكثر واكثر،وذلك لعدة اسباب،اهمها عدم تنفيذ مشاريع مائية استراتيجية تكون قادرة على سد وتلبية الاحتياجات المائية المتزايدة امام ندرة الموارد وشح المصادر المائية في المملكة،واستنزاف الاحواض الجوفية ومحدودية المصادر السطحية،ومع انه تم تنفيذ مشروع الديسي الاستراتيجي والحيوي والهام جدا،الا انه لم يتم العمل الجاد على تنفيذ مشروع التحلية على خليج العقبة في الوقت المناسب،الذي كان يجب ان يتم البدء بتنفيذه قبل عشر سنوات على الاقل،وظلت الحلول لمواجهة ازمات المياه آنية وموضعية ومحدودة ،لا يمكن ان تكون بديلا عن مشروع التحلية الذي لا بديل عنه ولا بد ولا مفر منه،السبب الآخر الهجرات السكانية واللجوء المفاجئ من الدول العربية الشقيقة،وهذا خارج عن ارادة الاردنيين ،الامر الذي ادى الى زيادة الطلب على المياه وزيادة الضغط على الموارد والمصادر المائية المحدودة اصلا والشحيحة جدا،وفي النهاية الاضطرار للبحث عن مياه اضافية من مصادر لا نرغب بالتزود منها.
وفي القطاع التربوي التعليمي،تجد الوزارة احيانا كثيرة نفسها مضطرة،اما لاستئجار مباني مدرسية جديدة،او اللجوء الى نظام الفترتين نتيجة قلة الابنية المدرسية المتاحة،وفي ذات الوقت الكثافة الصفية حيث يتم نكديس اكثر من ضعف العدد الطبيعي من الطلبة في الصف الواحد،رغم ان الوزارة تضع خطة سنوية لبناء عدد من المدارس الجديدة في مختلف المحافظات،الا ان الحاجة تبقى قائمة لمبان اضافية،فهل الخطط الموضوعة لا تفي بالعدد المطلوب من المباني المدرسية الجديدة لتتناسب واعداد الطلبة او التلاميذ الجدد الذين يلتحقون بالدراسة كل عام،ام ان المخصصات المالية تذهب الى استخدامات اخرى.
وفي القطاع الصحي نسمع دائما عن الحاجة الماسة لبناء مستشفيات جديدة ومراكز صحية جديدة في مختلف المحافظات والالوية والاقضية ،وعن ارتفاع اعداد المراجيعن والمرضى ،وعدم كفاية الاسرة والكوادر الطبية والتمريضية وغير ذلك من نقص ،حتى تصل الامور في بعض الاحيان الى نقص في الادوية التي يحتاجها المرضى.
المهم ان الصحوة تأتي عندما يقع الفاس بالراس،متأخرة جدا،لكن في هذه اللحظة قد لا يفيد العلاج ويكون قد سبق السيف العذل،وتجبر الوزارات وغيرها على اللجوء الى حلول غير مرغوبة وغير مرضية وليست مناسبة.
هنا تكمن اهمية الاصلاح الاداري الذي يشدد عليه جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي يعتبر الارضية الصلبة والعمود الفقري لجميع الاصلاحات الاخرى،واذا تحقق هذا الاصلاح ،فان الاصلاحين الاقتصادي والسياسي سوف يتحققان تلقائيا دون جهد او تعب.
المجلس الاعلى للسكان ودائرة الاحصاءات العامة شريكان اساسيان في وضع الخطط التنموية المستقبلية لجميع الوزارات والمؤسسات في المملكة،ويمكن الاعتماد عليهما،لانهما يعرفان وبطرق علمية احتياجات كل قطاع وفقا للزيادة الطبيعية في اعداد السكان لكل محافظة ومدينة وقرية ومخيم ،ونسبة زيادة احتياجاتها السنوية من المياه والمدارس والمستشفيات والمراكز الصحية ،وكذلك القطاعات الاخرى الخدمية وغير الخدمية.