facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تحديث القطاع العام


فواز البلبيسي
10-01-2022 12:48 AM

تابعنا مؤخرا في وسائل الاعلام اعلان الحكومة تشكيل لجنة لتحديث القطاع العام . والواقع ان الدولة الأردنية بمختلف مكوناتها أخذت هذا الموضوع على محمل الجد منذ فاجعة مستشفى السلط الحكومي، والذي اعتبر دليلا دامغا على تراجع الأداء الحكومي والترهل في بعض المؤسسات وغياب الرقابة والمحاسبة.

التحرك الحكومي بإصلاح القطاع العام جريء ويحسب لهذه الحكومة، فالغريب في الأمر أنه رغم الضغط الشعبي والمطلب الجماهيري بإصلاح القطاع العام إلا أن هذا الملف حساس وقد يعرض الحكومة للنقد كونه يتطلب قرارات صعبة وغير شعبية خاصة للفئات المتضررة أو من يريد إصلاحاً على قياسه وبما يحقق مصالحه، خاصة اذا صدقت الفرضية التي تعتبر أن الكثير من النشطاء والمعلقين عبر وسائل التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية الذين باتوا مؤثرين في الرأي العام هم من موظفي القطاع العام، الذين يقضون ساعات بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي والتعليق على مجريات الحياه السياسية و الاقتصادية والاجتماعية بدل العمل، فاذا ما تعرضت هذه الفئة للمحاسبة والرقابة، فإنها ستصب جام غضبها على الحكومة وتحاول تقويض جهود الإصلاح، على الأقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

الا ان التحرك الحكومي الان مبرر ومفهوم بالرغم من كلفته السياسية، فقد أصبحت العيوب كبيرة ومرئية للقاصي والداني وعبئها كبير سواء على الموازنة او على الاقتصاد ككل، اضافة طبعا الى عبئها على المواطن نفسه متلقي الخدمة وعبئها على الحكومة، فالإخفاقات الإدارية والخدمية لها ثمن سياسي و تؤدي لتأكل الثقة بين المواطن والحكومة.

وبتشخيص مبسط للجهاز الحكومي تظهر لنا مظاهر الضعف الرئيسية والتي لا بد من التعامل معها: اولاً ثقافة الوظيفة العامة الراسخة وأثرها في البطالة، فقد ثبت دولياً أن الدول التي يشتغل الشريحة الأكبر من قوتها العاملة في القطاع العام لديها النسب الأعلى من البطالة وتراجع في ريادة الأعمال وبالتالي تراجع معدل الدخل. ثانياً، الكلفة المرتفعة للرواتب والتقاعد في القطاع العام التي تسببت بخنق الاقتصاد ومحو الحيز المالي مما حد من القدرة على الاستثمار والقدرة على مواجهة الأزمات. ثالثاً، تراجع الأداء الحكومي وعدم قدرته على مواكبة الطلب المتزايد على الخدمات والبنية التحتية أو الممارسات الأفضل عالمياً، حيث بات الترهل في الجهاز الحكومي عائقاً امام الاستثمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية إضافة الى إحراز تقدم في المجالات الصحية والثقافية والتعليمية.

اما عن التدابير والتدخلات المطلوبة لإصلاح القطاع العام، فهي عديدة ولكن قد يكون من أهمها التالي: أولاً، مأسسة واعتماد مبدأ الثواب والعقاب وتفعيل مواد نظام الخدمة المدنية والتشريعات الأخرى ذات العلاقة بشكل شامل لمعاقبة التقصير والإهمال والمخالفات الإدارية والفنية. ثانياً إدخال مفهوم التقييم الشامل للأداء أو ما يسمى تقييم 360 درجة والذي يتيح لجميع المتعاملين مع الموظف سواء رئيسه أو مرؤوسه أو زملاؤه أو متلقي الخدمة من تقييم أدائه و ربط كافة المكافأت و الحوافز والترفيعات بنتائج تقييم الأداء بدلاً عن نظام المكافأت و العلاوات التلقائي المعمول به. ثالثاً ، تحديد المسمى الوظيفي و المهام لكل موظف عام و مسؤول و تحديد مؤشرات لتقييم الأداء لكل مسمى وظيفي و ذلك لوضوح عملية التقييم و المراجعة بعيداً عن العوامل الشخصية . رابعاً ، تدريب القيادات و الكوادر بشكل دوري و مكثف و ربط الترفيعات و تقدم المسار الوظيفي باجتياز الدورات و امتحانات الكفاءة الدورية. خامساً ، تعيين ذوي الكفاءة و المجتهدين فقط عن طريق تعديل نظام الخدمة المدنية لاستبدال نظام الدور التلقائي المعمول به في ديوان الخدمة المدنية بألية منصفة لإعطاء أولوية التعيين للأوائل و المتفوقين و أصحاب المهارات و من خلال لجان متخصصة محايدة بعيداً عن الواسطة و المحسوبية . سادساً ، ترسيخ أخلاقيات العمل و الالتزام و الفخر بالإنجاز من خلال التدريب و التوجيه و الحوافز و مكافحة ثقافة التسيب و التحايل على اللوائح والتعليمات و الأوامر الوظيفية . سابعاً ، أتمتة الإجراءات و الخدمات الحكومية و أنظمة الدفع مما يحد من الفساد الإداري و المالي و يزيد الكفاءة و يخفض الكلف . ثامناً ، التأسيس لهيئة أو جهة رقابية مستقلة تنظر في الأداء الإداري لأجهزة و مؤسسات الحكومة ، فديوان المحاسبة في الأردن معني بالأموال العامة و الإيرادات و النفقات الحكومية فقط دون النظر في الأداء والإجراءات الإدارية ، مما يستلزم وجود جهة رقابية عليا للكشف عن المخالفات الإدارية و الفنية لموظفي الحكومة و ضبط عيوب النظم الإدارية في الدولة و تحري أسباب القصور في العمل .

أخيراً لا أدري إذا كان الأداء المتردي محصوراً بالقطاع العام ، أم أنه انعكاس لحالة عامة أصابت المجتمع ، فلا القطاع الخاص و لا الجامعات أو حتى المؤسسات الأهلية و النوادي و غيرها باتت محصنة من هذه النزعة ، فالأداء المتوسط و غياب التميز أو ما يسمى بالانجليزية (Mediocre) أصبح سمة منتشرة ، و بعد أن كان الأردن في طليعة دول المنطقة في بنيته التحتية وخدماته و مؤسساته أو حتى مستوى مخرجاته التعليمية و الثقافية و الرياضية ، تقدم عنا الكثيرون الان و تراجع ترتيبنا بين أقراننا. فلا بد أذن من وقفة جادة و مراجعة صريحة لهذا الاتجاه في مجتمعنا و الوقوف عند عوامله و أسبابه .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :