المتقاعدون والعاطلون عن العمل .. ماذا ستفعلون بهم؟
أ. د. حسين الخزاعي
09-01-2022 03:28 PM
لا يختلف اثنان على خطورة البطالة وتفاقم وزيادة معدلاتها وخاصة بين فئة السكان الأكثر نشاطا وحيوية وتعليما وتأهيلا، ولا يختلف اثنان على القضية الأكثر خطورة في المجتمع عندما ينضم الى صفوف الباحثين عن العمل من كانوا أصلا يعملون ولكن تم احالتهم إلى التقاعد يعانون ما يعانون من مشكلات اقتصادية او اجتماعية او نفسية.
انتهت المقدمة وندخل في الموضوع بلا رتوش ، ونحذر من خطورة زيادة أرقام المتقاعدين والتي أجبرتهم إحالتهم على التقاعد الى البحث عن العمل والانضمام الى العاطلين عن العمل ومزاحمتهم للحصول على فرصة عمل حتى لو كانت برواتب متدنية، ويضطرون للعمل حتى لو كانت اعمال مياومة لا تناسب مكانتهم وطبيعة أعمالهم قبل التقاعد فالحاجة الى العمل تدفعهم للتضحية في الدرجة والوظيفة والرتبة مهما كانت حيث ان درجاتهم ورتبهم ومكانتهم أصبحت تاريخا ماضيا لا يوفر لهم ولأسرهم الحياة الكريمة ، وخاصة أن (80%) من المتقاعدين رواتبهم التقاعدية تقل عن (500) دينار أردني شهريا.
وهؤلاء يعتبرون فعليا تحت خط الفقر وخاصة اذا اعتمدنا خط دعم الخبز في الأردن والبالغ (500) دينار أردني شهريا .
خلال الخمس سنوات الماضية ( 2016 – 2021) تم إحالة ( 52) ألف موظف من مختلف الوزارات والدوائر والمؤسسات المدنية والعسكرية الى التقاعد ومعظمهم من المؤهلين علميا ومن حملة شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه ويتمتعون بخبرات تؤهلهم للدخول الى سوق العمل ومنافسة الشباب العاطلين عن العمل ( الباحثين عن العمل ) ، والمتقاعدون بأشد الحاجة للعمل كون الأعباء الموكلة إليهم تجاه أسرهم وأهلهم قد تزايدت وتفاقمت بسبب تقدم الأبناء في العمر والتحاقهم في الجامعات والمعاهد والمدارس وفي ظل وجود الأبناء في مختلف التخصصات العلمية في سوق البطالة والبحث عن العمل. ونؤكد على المعاناة النفسية والاجتماعية والاقتصادية للمتقاعدين بسبب عدم قدرة عدد كبير منهم على توفير مستلزمات الحياة.
يا سادة يا كرام.. وقف الإحالات إلى التقاعد وحصره فقط بمن يطلب إحالة نفسه الى التقاعد حتى لا تزداد أرقام البطالة وتفاقم مخاطرها مطلباً ضروريا، وإلغاء القوانين والتشريعات التي تمنح المسؤول احالتهم إلى الاستيداع او التقاعد دون وجه حق.
فهل يعقل ان يتم إحالة ( 10000) عشرة آلاف متقاعد في الأعوام (2020-2021) ونحن نعاني من آثار اقتصادية خطيرة على الفرد والاسرة والمجتمع والدولة بسبب جائحة كورونا في ظل ارتفاع متواصل في الأسعار التموينية وغير الغذائية.
فيجب وقف الإحالات على التقاعد للعاملين في مختلف دوائر الدولة ومؤسساتها، وأن يكون مطلبا ضروريا يخدم الوطن وأمنه واستقراره.
يا أصحاب القرار أينما كنتم وفي مختلف مواقعكم ومسمياتكم ، منذ سنوات ونحن نكتب ونصرح ونحذر من خطورة تفاقم مشكلة البطالة في الأردن، ولكن لا " حياة لمن تنادي " .
فالبطالة حلولها في الأردن وفي قاموسكم لا تتجاوز إبر التخدير والمسكنات التي فاقمت الأوضاع، وأفقدت الشباب والمجتمع ثقتهم في كل مؤسسات الدولة بسبب غياب الحلول . حتى وصلت الى ما وصلت إليه من خطورة، فقد وصلت نسبة البطالة بين المؤهلين بكالوريوس فأعلى ذكورا وإناثا ( 42,9%) ، وبين الإناث المؤهلات بكالوريوس فأعلى (82%)، وبين الشباب (48،5%) . ونسبة البطالة بين المتزوجين (24,9%) وهذا يدق ناقوس الخطر.
بالمناسبة ، ونحن نتحدث عن البطالة أشير الى وجود (423) ألف طلب في ديوان الخدمة المدنية منذ بداية عام 2021 وهذا الرقم ال (423) ألف يعطينا مؤشرا لـ (27%) فقط من أعداد العاطلين عن العمل ، وتتمثل الخطورة بوجود (140) ألف عامل مياومة فقدوا أعمالهم، وتضرروا بسبب جائحة كورونا .
لهذا السبب أي حديث عن وجود حل لمشكلة البطالة هذا مضيعة للوقت وإبر تخدير لا يلتفت لها المجتمع ولا يأخذها على محمل الجد كون معدلات البطالة عندما كانت متدنية لم تضع الحكومات السابقة والحكومة الحالية بحلول لمواجهتها . وتكتمل المأساة عندما ننشغل في تطوير الحياة السياسية وننسى الوضع الاقتصادي الملتهب والذي تبلغ فيه نسبة المشاركة في القوة الاقتصادية (34%) ، أي أن ثلثي القوة الاقتصادية معطلة .
في المقابل ، فإن الشباب لا يبحثون عن أحزاب ينضمون إليها وينخرطون فيها، وغير قلقين وغير منشغلين في دهاليز السياسة وكواليسها، الشباب بحاجة الى مصانع وشركات وأعمال ومؤسسات ودوائر حكومية أو خاصة يشتغلون فيها ويشبعون احتياجاتهم الأساسية ويثبتون وجودهم ويساندون ويدعمون أهلهم وأسرهم .
آخر الكلام : المتقاعدون والعاطلون عن العمل من فئات المجتمع العمرية والتعليمية وغير التعليمية كافة، لم تعد تنفع معهم التصريحات البراقة وإبر التخدير والمسكنات التي لم تحل مشاكلهم . وخاصة الشباب الذين هم أشد حاجة للعمل وإثبات وجودهم وتوظيف مهاراتهم وخبراتهم واخراجهم من فئة المعالين المتكلين على الغير الى نمط المعيلين لأنفسهم واهلهم ، ولا ننسى أنهم يعيشون في عصر السرعة والبحث عن المعلومة والحقيقة والقول والفعل.
فهل نتعظ ؟!