الحقيقة المذهلة للفكر العربي .. ورائعة مجتمع الكراهية لسعد جمعة
نور الدويري
09-01-2022 02:58 PM
لاشك أن الفكر العربي اليوم يعيش على أطلاله التاريخية، ولم يستطع الإنسحاب من بوتقة التسلسل التاريخي المجيد، وعلى المطالبة بوجوه تشبه شخوص ماضية كان لها أثر في مرحلة ما، تصل حد وصفهم بالصالحين والقديسين.
الحقيقة المذهلة تقول أنه لا يوجد لدينا حالة فكرية مستقرة بالمطلق سواء في نطاق مجتمع واحد أو دولة واحدة أو ضمن مجموعة في المساحة العربية كاملة، فلا صحة لوجود أقطاب معارضة ممنهجة ذات أجندة واقعية و/أو إصلاحية تتلو نفس التلاوات، أو حتى تقاطعية المصالح، كما لا يوجد لدينا موالاة متفقة على تقاطعية المصالح، وكأن المصالح في المجتمعات العربية لا وجه، ولا لون، ولا طعم لها، وتعتبر نكهات إصطناعية تتغير وفقا لطبيعة المنتج!!!.
لذلك سيبقى لدينا تهتك فكري فاضح، فلا أصولية للعمل الممنهج يطلق عليه النظام الديمقراطي و/أو ديكتاتوري ، ففي مطلق الأحوال سيبقى هنالك تيار خارجي يعبث بالفكر العام، وسيبقى في إطار الإتحاد أو الاتفاق ضمن ثقافة التمني ! .
إن الأيديولوجيات في المنطقة العربية نفسها غير واضحة، وتختلف فيما بينها، وتعيد خلق إيديوجيات عالمية لاقت ضجيجا في ثورات و/أو فعاليات سياسية جرت في دول الغرب، وكأن إقتباس إيديولوجية ما ونقلها للعالم العربي يمكن تطبيقها على مناطق عربية كل مجموعة منها لها خصوصية جغرافية، ودمغرافية، ووضع سياسي ذو معايير وتحفظات تختلف عن الأخرى، فيما أصلا تتغير إحتياجات الدول نفسها في المنطقة نفسها وفقا لتغيرات وتأثيرات القوى الخارجية : (ايران، تركيا، روسيا، امريكا والعنصر المستجد اقتصاديا الصين) .
أجيز لنفسي كصحفية تحاول القراءة في مضمار الفكر العربي، أن أكتب عن نظرية خاصة أراها قابلة للتحليل والقراءة في علم الإجتماع، وهي (نظام السياسية الشرعية) وهي لا تختلف كثيرا عن نمطية العلمانية العربية و/ أو الاسلام السياسي، وذلك بمنح الشرعية الروحية لنظام سياسي ما يدفع أبناء المجتمع الواحد للإيمان بتلك الشرعية الروحية والتي ستنتج أخيرا شرعية سياسية .
إن تركيبة الفكر العربي المبني على ظواهر الفارس المغوار، أو القائد الأوحد تربك الجو الديمقراطي الحديث ومتطلبات العصر في المحيط العربي عموما، وذلك لرغبة كامنة في داخل الفكر العربي أنه لا يقاد بالمطلق بدون شخص محدد بصفات يقتنع بها المجتمع الواحد، ويرى الشرعية الأولى قدسية وجب منحه إياها.
وهذا ساهم في زعزعة الوفاق العربي على طول خط تاريخهم الحديث فلا إمكانية خلق دولة واحد متحدة ضمن دويلات الخلفاء ولا توحيد روحي للأئمة لضبط الروح العربية في سبيل قضاياها العربية .
بالنهاية لا يمكن أن لا نتفق مع رائعة مجتمع الكراهية لسعد جمعة إن هذا الخض الفكري عربيا، سيفضل البقاء على ضريح الامجاد القديمة قائما، وان الاصلاح العربي أو الاتحاد العربي سيبقى بعيد المنال طالما ان المجتمعات نفسها تختلف فيما بينها وتصر على روحانية شرعية سياسية، ونحن في زمن العمران التقني وذو الأجيال الاصطناعية.
لإثراء الفكر أو العقل العربي، يجب إنهاء حالة العزاء على شهداء الماضي بشكل يمجدهم، ومنع احلال القوى الخارجية من السيطرة على بواقي الثروات العربية، والدفع بالشباب العربي لتأصيل ثقافة الإجتهاد والممكن وعدم قبول ثقافة المستحيل ، لأن الإرادة والتصميم مكونان لبناء أيديولوجية عربية مركبة الثقافات موحدة الأهداف تعيد للقومية مجدها .
شكرا استاذ رمضان الرواشدة لدفعي للكتابة مجددا حول فلسفة الفكر العربي في فترة تحقيق ظواهر الفوضى الخلاقة او ما يجب ان نطلق عليه بدعة نظرية المؤامرة!!! .
النص أعلاه، تعقيبا على مقال الأخ، والزميل رمضان الرواشدة " مجتمع الكراهية، ومقدمات الهزيمة).