على كل منبر، في كل يوم جمعة، يدعو الإمام الله، جلّت قدرته، أن يرزق السلطان وليجة أي بطانة صالحة تذكّره إذا نسي، وتعينه إذا أصاب، وذاك لأن المستشار مؤتمن، وهو في معظم الأحيان، إن لم يكن كلّها، النور الذي يهتدي به الحاكم للوصول إلى الحق والصواب، والمستشار مسؤول أمام الله وأمام الوالي وأمام الخلق، عن كل ما يقول وعمّا يشير.
إن من يتولى أمراً من أمور المسلمين هو مطاع بالضرورة، وذلك بأمر من الله، الذي قرن طاعة هذا الوالي بعد طاعته وبطاعة رسوله ، إلا أنه من جهة ثانية جعله مُلزَماً بالعدل والمساواة وبالرشد والصلاح.
أسوق هذا لأقول لكل من تولى وظيفة عامّة عندنا ابتداء من أي موظف صغير ووصولاً إلى رئيس الحكومة، إن الاستماع إلى رأي الناس هو التزام عليه احترامه بموجب العقد الاجتماعي الذي وقّعه الطرفان لحظة أن تأسست "الدولة ".وعلى هؤلاء المسؤولين أن يفهموا أن مبرر وجودهم أصلاً مرهون برضا الوالي ورضا المواطنين. خاصة وأننا الآن نعيش في ظل ملك لا يُخفي على أحد شيئاً، ولا يترك شاردة حسنة أو واردة سيئة إلا وأشار إليها بكل جرأة وأمانة، قصده من ذلك أن يحيا الناس حياة كريمة.
وسكوناً عند هذه الحقيقة أقول إن هناك بعض الملاحظات التي لا يقصد من إثارتها إلا الصالح العام، تحت مظلة النقد البناء وليس جلد الذات بقصد الهدم والتخريب. وعليه فلا بد من الاستماع لها والانتباه إليها وإلا فأننا، قطعاً، ذاهبون نحو الارتباك والقلق.
يسأل الناس، وقد أرعبهم حجم الدين العام الذي تسلق بصورة ملفتة للنظر، عن حقيقة الأمر. وعن تلك الارتجاجات التي أصابت المال العام. ويتساءلون عن تكرار حالات الفساد في كثير من القطاعات، ليس فقط عن وجودها ولكن عن سبب وجودها وعن طرق معالجتها.
الكثيرون أخافتهم تلك المقاربات مع قضايا مثل قضية المعلمين الذين يشكلون قطاعاً هاماً من قطاعات المجتمع، في الوقت الذي تهتم به الحكومة بقضية طالب صغير أَلحق به أحد الجاهلين أذى لا يغتفر، ومع أننا نقول إن مثل هذا " المجرم" يجب أن يلقى الجزاء العادل الذي أنزله الله على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين قال " العين بالعين ". ولكن أن يعالج الأمر وكأنه جريمة ارتكبها" المعلم " بالمطلق، فهذا أمر غير مقبول.
المزارع يشكو، والتاجر يشكو، والصانع يشكو، والمعلم يشكو ونحن ذاهبون نحو التبرير بدل من أن ننساق نحو العلاج ومكافحة الأسباب.
سيدنا يذهب إلى كل بيت من بيوت الفقراء يسأل عن حالهم ويبحث عن كل وسيلة لرفع الحيف عنهم، والمسؤولون يكتفون فقط بترويس بياناتهم بعبارة " وتنفيذاً لتوجيهات سيدنا"، وأين هم من أداء وظيفتهم التي أوكلها إليهم سيدنا،وكل برامجهم مبدؤة دائماً بجملة " إلتزاماً بالإرادة السامية " فأين إرادتهم هم.
نحن، المواطنين، مؤمنون بأن وجعنا يؤرق سيدنا أكثر مما يؤرق المسؤولين، وأن ما يهمنا يشغل مساحة من قلب سيدنا هي أوسع بكثير من المساحات التي يشغلها في قلوب المسؤولين.
أسألكم بالله ، أيها المسؤولين، أن تتركونا وسيدنا، فإما أن تكونوا وليجة صالحة وإلا فشكراً لكم .