لم أكن أعلم أنني سوف اتعرّض لكل هذا " الحنين " وانا اعود ل " جبل اللويبدة " امس برفقة الزميل محمود الخطيب بعد " غياب " سنوات.. هي سنوات " الكورونا " التي جعلتنا " نحتاط " من الأماكن والأشخاص.
كنا نزور " جاليري اللويبدة " ، وشاء حظي ان يكون المكان مقابل بيت الدكتور عمر الرزاز رئيس الوزراء السابق، بجوار " حديقة اللويبدة " و " المتحف ".. وكان اول ما فعلته ، الوقوف امام بيت صديقي " المرحوم مؤنس الرزاز " الذي شهد جلسات و " بوحي " مع صاحب رواية " اعترافات كاتم صوت " و " احياء في البحر الميّت " و غيرهما من الروايات والترجمة والقصص.
وقفتُ أتأمل " برودة " البيت المحاط بالاشجار التي خبّات الكثير من " الأسرار والذكريات ".
وقبلها ، تجوّلنا في الشوارع التي شهدت بدايات " معرفتي " بالعاصمة ، فمررتُ ب الموقع القديم ل " رابطة الكُتّاب " في شارع ابراهيم طوقان ، وتذكّرتُ " مطعم ابو محجوب " اللي " سندويشات اكتافنا من " خيره "... مرورا ب " نقابة الفنانين " و " دوّار باريس " والمقاهي واغلب البيوت التي تحوّلت الى " كافيهات " خدمة للزبائن.
استحضرتُ اول " وكر " / شقة ، استاجرتها قبل أن اتزوج.. مقابل مطعم ابو محجوب، و" قضائي ساعات وليال في عتمة " اللويبدة " تملأ انوفنا رائحة الياسمين الذي يحرص " اليويبديّون " على زراعته في بيوتهم منذ كان " الجبل "وكانت " اللويبدة ".
سرتُ على ذات الدرجات التي كنتُ اخطوها حين كنتُ آتي من « الرصيفة»، وتأملتُ ذات اشجار الياسمين التي ما زالت ترنو الى «وسط البلد» من الجهة الشرقية لـ «جبل اللويبدة».
تحسستُ المقاهي التي تغيرت بعض اسمائها. واكتشفتُ ان لـ « فيروز»، أكثر من «فضاء»، وأكثر من « مقهى» و»مطعم» .
هو إذن،مزاج ساكني» اللويبدة»، هم « فيروزيون» بالفطرة، وكما عرفتُهم وكما كانت اغنيات فيروز.
كنتُ أقصد المشي بهدوء وكأني جئتُ أتفقد «أغنام قلبي» التي هربت مني بفعل الانشغالات.
تأملتُ الصبايا في المساء، ومنهن نساء أجنبيات يتحلّقن حول» الثقافي الفرنسي»، ومنهن «اردنيات» متفرنسات».. وكان ثمة شابان يداعبان « كلبا» صغيرا، وهو يقفز ويتدلّع مثل طفل .
كمْ شهدتْ شوارع «اللويبدة» من جنوني. وكم نامت ورود الياسمين بين جنبيّ.
هو الحنين الذي «اجتاحني» بلا رحمة. وانا أغذّ الخطى نحو «مرتع» شبابي...!!