الإخوان .. مشاركة أم مقاطعة ؟
حلمي الأسمر
26-07-2010 04:10 AM
لا يخرج ما نشر عن توجهات قواعد الإخوان المسلمين الساحقة نحو مقاطعة الإنتخابات النيابية عن نطاق "التكتكة" والتسريب المقصود باتجاه حشد التأييد لوجهة نظر المقاطعة ، خاصة وأن من بدأ بنشر هذه النتائج صحفي زميل مقرب من الإخوان ، دلالة هذا التسريب أن هناك حشدا من لدن بعض القيادات الإخوانية باتجاه المقاطعة ، خلافا لما كان متوقعا ، وهذه المقاطعة فيما تمت سيكون لها استحقاق كبير على مجمل الإنتخابات ، وبالطبع الإستحقاق الأكبر سيلحق بالحركة الإسلامية ذاتها ، خاصة وإنها عانت طيلة الفترة الماضية من صراعات مريرة داخلية واشتباكات خارجية ، تركت جسدها مثخنا بالطعنات ، وما أحوجها الآن لاتخاذ خطوة تداوي هذه الجراح ، وتطوي فترة من أكثر الفترات صعوبة في تاريخ الحركة المعاصر.
النتائج التي سربت مذهلة ، قواعد الإخوان في الزرقاء صوتوا لصالح المقاطعة بإجماع مئة في المائة ، وفي إربد ثلاث وتسعون في المائة ، وفي معان سبع وتسعون في المائة ، وفي عين الباشا سبعون في المائة وفي العقبة واحد وستون في المائة ، أما بالنسبة لقواعد جبهة العمل الإسلامي فثمة اختلاف طفيف حسبما فهمت من أحاديثي مع بعض قيادات الجبهة ، حيث يمكن الإستنتاج أن المصوتين للمقاطعة أقل نسبة ، وإن كان التوجه العام لدى من استطلعت آراؤهم تتجه نحو المطالبة بالمقاطعة ، حسم الموقف سيكون مشتركا بين قيادتي الجبهة والإخوان ، وعبر الموقف المبدئي لمجلس شورى الإخوان ، كما هو معهود ، ثم يتخذ القرار مجلس شورى الجبهة ، أو يوصي الأمانة العامة للحزب باتخاذ الموقف ، الذي ينسق عادة مع الأمانة العامة للإخوان.
لست هنا بصدد تحليل أسباب هذا التحول غير الجذري في موقف قواعد الإخوان ، فما مرت به الجماعة كان قمينا بدفع هؤلاء ولو نفسيا للمقاطعة ، دون حساب للاستحقاقات السياسية والإجتماعية والدعوية لقرار المقاطعة ، صحيح أن تجربة انتخابات 2007 لا تشجع على المشاركة في الإنتخابات ، ولكن أيضا تجربة مقاطعة الحركة الإسلامية للانتخابات عام 1997 كانت بالمرارة ذاتها أو أكثر شدة ، فقد كان ثمن المقاطعة باهظا على الصعيد الداخلي ، حيث تفجرت الخلافات الداخلية على نحو غير مسبوق ، وأدت إلى خروج قيادات اخوانية خارج الصف ، كما نأت بالجماعة عن جمهورها والتواصل معه.
باختصار شديد ، سيخسر الإخوان كثيرا إن قرروا المقاطعة ، وستكون الخسارة أكبر بكثير مما خسروا في مقاطعة انتخابات 1997 ، ذلك أن المشاركة الآن ستعمل على مداوة جروحهم الداخلية ، وستنقل اشتباكهم الداخلي إلى الخارج ، وستتيح النتائج التي تميل إلى النزاهة والحياد ، حسب الخطاب الرسمي للحكومة ، قدرا أكبر من إعادة الحيوية لدور الإخوان في المجتمع ، ولن أذيع سرا إن قلت أن كثيرين سيشعرون بسعادة غامرة إن ساهم الإخوان في جهود عزلتهم ، واتخذوا قرارا بالمقاطعة ، ونأوا بأنفسهم عن الاشتباك بجماهيرهم ، وسينشغل الإخوان أكثر فأكثر بصراعاتهم الداخلية ، ومن الأفضل لهم هنا الهروب إلى الأمام ، وتصدير أزمتهم للخارج ، حتى ولو أبدت القواعد فتورا وعزوفا عن المشاركة ، فلدى قيادات الإخوان ما يكفي من تأثير وديناميكة لتحريك القواعد وشحنها باتجاه المشاركة ، كما فعلت هذه القواعد حينما صوتت القواعد باتجاه المشاركة ، ثم اتخذت قرار المقاطعة في العام 1997 .الدستور