خارطة الطريق لإصلاح الادارة العامة
د. عاكف الزعبي
05-01-2022 05:38 PM
سوف يقال الكثير عن اصلاح الادارة العامة للدولة وموقعه بين اولويات الاصلاح الشامل تماماً مثلما يقال عن الإصلاح السياسي والاصلاح الاقتصادي. والاصل ان تكون بداية الحديث عن القواعد الاساسية لإنجاز الاصلاح الاداري حتى لا نقفز لتنفيذ خطوة قبل تنفيذ خطوة ينبغي ان تسبقها.
وبما ان المؤسسات العامة (الوزرات والدوائر الحكومية) هي من تمارس ادارة شؤون الدولة فإنه لا بد اولاً وقبل كل شيء ان نتأكد من سلامة البناء المؤسسي لكل مؤسسة من مؤسسات الدولة لضمان ان تؤدي مهامها بطريقة متكاملة وكفؤة وفعالة.
معنى هذا الكلام ان يكون البناء المؤسسي قوياً وسليماً كفيلاً بأن يجعل المؤسسة العامة مؤهلة تأهيلاً كافياً لأداء الوظائف الادارية الاربعة التي حددها لها علم الادارة وهي : التنظيم، والتخطيط، والتوجيه والمتابعة ، والرقابة والتقييم.
وينطبق هذا الكلام على المؤسسات المركزية ايضا ذات البعد القيادي والاشرافي والرقابي ممثلة بمجلس الوزراء ، ومؤسسة رئاسة الوزراء ، واللجان الدائمة لمجلس الوزراء ، وديوان التشريع والرأي، وديوان الخدمة المدنية، وديوان المحاسبة بحيث تكون قادرة على اداء مهامها بكفاءة عالية.
باكتمال خطوة البناء المؤسسي كخطوة أولى في الاصلاح الاداري تأتي الخطوة الثانية في الترتيب وهي اختيار القيادات الادارية (الادارة العليا) التي تتولى قيادة المؤسسات العامة من وزراء وامناء عامين ومدراء عامين ونوابهم ومساعديهم. وهي خطوة غاية في الاهمية فالقيادات الادارية الناجحة تعظم أقل الموارد والقيادات الادارية الفاشلة تبدد اكبر الموارد.
التعاون والتنسيق الدائم والفعال بين المؤسسات العامة للدولة هو الخطوة الثالثة المطلوبة لضمان نجاح اداء الادارة العامة. ويتطلب تحقيق ذلك وجود جهاز مركزي للرقابة الادارية او كجزء من ديوان المحاسبة او من ديوان الخدمة المدنية يتولى الرقابة على سير سلامة وظائف الادارة في المؤسسات وسلامة القرارات الادارية فيها والتزامها بالتعاون والتنسيق مع باقي المؤسسات. وقد يقوم بهذه المهمة صندوق الملك عبدالله الثاني للتميز.
الخطوة الرابعة تتمثل بضرورة توفير البيئة السياسية والثقافية الادارية الحاضنة للإدارة. فهي الضامن لتوفير الارادة السياسية اللازمة للإصلاح الاداري . ولا يوفر ذلك سوى النظام السياسي الديمقراطي الذي تقوده حكومة يختارها مجلس النواب، ومجلس نواب ممثل ونزيه قادر على المساءلة، واجهزة رقابة ادارية ومالية مستقلة وفعالة توفر لمجلس النواب ما يحتاجه من معلومات تعزز قدرته على المساءلة.
يقول البعض أن الاولوية الآن للإصلاح الاقتصادي وهذا صحيح ، ويقول البعض الأخر أن الاولوية الآن للإصلاح الإداري وهذا صحيح ايضا شريطة ان لايكون القصد من ذلك على حساب الإصلاح السياسي الذي هو الأصل. فليس هناك ما يمنع ان يسير الإصلاح الشامل معاً سياسياً وادارياً واقتصادياً.