العدوان يكتب: دقّت ساعة الحقيقة .. الهجوم على لجنة المنظومة السياسية
د. رائد سامي العدوان
05-01-2022 12:04 PM
منذ أن انتهت أعمال "اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية"، وقدمت مخرجاتها لصاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم، بل وربما قبلها، لا تزال هذه اللجنة ومخرجاتها تتعرضان لهجوم غريب، وإن كان قابلا للتفسير. هجوم ربما بدأ بشكل محتشم من قبل بعض الشخصيات والتيارات الفكرية والسياسية التي ضمّتها اللجنة نفسها، داخل لجانها المختلفة، لكن حكمة رئيسها وبعض رجالها، وغلبة الاتزان على آراء معظم أعضائها، والمنهجية العلمية التي أدارت بها أعمالها، نجحت في تمكين اللجنة في النهاية، من تفكيك مختلف الألغام الداخلية، وإسكات النغمات النشاز، وتقديم نتيجة حظيت بشرف القبول من قبل سيدنا، ولا أبالغ إن قلت، ومعظم أبناء الشعب الأردني، دون أن أدعي الحديث باسمهم.
ولو تعمقنا أكثر في الهجوم الذي تعرضت وتتعرض له اللجنة، نجده ينقسم إلى نوعين: هجوم مباشر يستهدف تركيبة اللجنة ونتائج أعمالها بالمجمل، وآخر غير مباشر وضع نصب عينيه توجيه مدافعه نحو أحد المخرجات، بهدف جعل تدميره مقدمة لتهديم كامل البناء.
ويمكن القول، أن الهجوم الثاني قد بدأ في أعقاب فشل الهجوم المباشر. فاللجنة وما ضمته من كفاءات اختارها صاحب الجلالة ، متعددة تعدد مناطق الأردن، ومتنوعة تنوع طوائفه. ضمت الحزبيين والتكنوقراطيين من مختلف الانتماءات السياسية والفكرية، النساء والرجال، الشباب والشيوخ، أهل البناء وأهل الخبرة، فجاءت مرآة تعكس غنى وتنوع الأردن، وتكاد تكون صورة مصغّرة لشعبه. وربما لهذا السبب بالذات، فشل الهجوم المباشر على أعضائها. أما فشل الهجوم على مخرجاتها فيمكن القول بثقة وأمانة، وبالنظر لعنف الهجمة وتعدد المهاجمين، وقوتهم التي لا يستهان بها، أنه يرجع لعنصر واحد وأساسي: احتضان جلالة الملك المفدى لنتائج عمل اللجنة، وتعهده برعايتها، والسير بها إلى أن تقطع رحلتها التشريعية وتصبح واقعا يعيشه أبناء الأردن.
ومما زاد في إحباط جهود المهاجمين، وأفقدهم القدرة الحقيقية على الفعل، هو أنهم عجزوا عن تجييش الشارع ضد اللجنة ومخرجاتها، حيث التف المواطنون حول قائدهم الهُمام، مؤمنين بإخلاصه وشجاعته وصدق نواياه من أجل وضع الأسس السليمة لأردن المئوية الثانية، التي ستعود على حياة كل أردني بالخير والكرامة. أضف إلى ذلك أن الوقفة الصلبة لجلالته في مواجهة حملة التشكيك والتهجم على اللجنة ومخرجاتها، اكتسبت زخمها من حقيقة أن رغبة سيدنا في تحديث المنظومة السياسية لبلادنا تنبع من حاجة داخلية، اختمرت في ذهن جلالة الملك منذ أكثر من عقد من الزمن، قوامها تأهيل وطننا لبداية مئويته الثانية بعزيمة وإصرار، ولم تأت نتيجة ضغط خارجي أو داخلي. لذلك، لم يستطع المهاجمون الاستقواء بأطراف خارجية أو داخلية في سعيهم لوأد نتائج عمل اللجنة الملكية.
فشل قاد في رأيي إلى استجماع القوى المضادة واستهداف بنود منفردة من مخرجات اللجنة، وتحديدا التعديلات المقترحة لدستور البلاد. فشهدنا بداية الهجوم على مفهوم الهوية الوطنية الجامعة، لينتقل بعدها إلى إثارة زوبعة لم تهدأ حول مجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية، ولنشهد مؤخرا الحلقة المتمثلة في إدخال كلمة "أردنيات" في عنوان أحد فصول الدستور، وما عبر عن نفسه في "موقعة" مجلس النواب، ولا نعلم الحلقة الموالية أين وكيف ومتى تحصل ؟ مع يقيننا بأن معسكر المهاجمين لن يعدم الحجج لخوض حرب جديدة حول قانون الأحزاب أو الانتخاب، أو استحقاقات الفهم الجديد للحكم المحلي وتمكين المرأة والشباب.
حلقات نجد من المهم ونحن نواجه ساعة الحقيقة، أن نخصص لكل منها مقالا منفردا، لأنه في مثل هذه المحطات الحاسمة في حياة الأوطان، يجب أن يقف أبناء الوطن خلف قائدهم، متخذين من صلابته وقوته نبراسا، لتسمية الأشياء بمسمياتها، ووضع الأصبع على الجرح، حتى تزهر الآمال التي وقفت خلف إحداث "اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية"، ويقطف أبناء الأردن بمختلف مناطقهم وأديانهم وعشائرهم ثمار هذا التحديث، الذي هو بحق السبيل الوحيد لكسب رهانات مئوية وطننا الثانية.. وللحديث صلة!