ما بين “مجلس وقانون انتخاب” 1989 و2022
د. إبراهيم البدور
05-01-2022 12:18 AM
لطالما تغنى الأردنيون بمجلس النواب 1989 وأعتبره البعض أفضل مجلس مر على الأردن منذ عودة الحياة البرلمانية.
كما يرى البعض أيضا أن قانون الانتخاب الذي جرت عليه تلك الانتخابات هو أفضل قانون، لا بل يعتبره آخرون أنه حقق العدالة من ناحية توزيع المقاعد وآلية الانتخاب.
ولشرح القانون؛ فقد أتبع قانون انتخاب 1989 نظام انتخاب الكتلة، وهي المرة الأولى التي أنتخب فيها مجلس نواب وفق هذا النظام، ويستخدم النظام في الدوائر التعددية ولا يندرج تحت اﻷنظمة النسبية وإنما اﻷغلبية؛ بمعنى أن الفائزين هم من يحصلون على أعلى اﻷصوات عددا بغض النظر عن نسبة تلك الأصوات.
كما أعطيت الفرصة بتعدد الخيارات للمصوت بحيث يختار بعدد أصوات دائرته الانتخابية، ونذكر هنا ان عدد المقاعد كانت 80 مقعدا موزعة على جميع محافظات المملكة.
وعندما عدت بالتاريخ لرؤية تقييم المواطنين في تلك الحقبة لهذا المجلس تفاجأت باستطلاع للرأي العام أجراه مجموعة من الباحثين في مركز الدراسات الأردنية في جامعة اليرموك وهم (الدكتور عبدالرزاق بني هاني، د. محمد الروابدة، د.عزت حجاب، د. انور القرعان، محمد الشريدة، د. محمد الهزايمة، وذلك في شهر آذار 1992 قبل انتهاء عمر المجلس بسنة واحدة -استمر هذا المجلس من 11/ 11 /1989 ولغاية 4 /8 /1993 – حيث أظهرت النتائج أن:
36.5 % من أفراد العينة قالوا إن أداء المجلس كان ضعيفا.
44.1 % ان أداء المجلس كان متوسطا.
18.4 % اعطوه درجة جيد.
1 % فقط أعطاه وصف جيد جدا.
وإذا ما نظرنا إلى مسودة قانون الانتخاب المطروح على مجلس النواب الآن ؛ سنرى -ولأول مرة -يتم إعطاء الأحزاب مقاعد مخصصة لها؛ بحيث يترشح الشخص تحت اسم حزب ويكون المقعد للحزب يرشح من يشاء، وحتى عند شغور المقعد لأي سبب يبقى المقعد للحزب.
وستكون عدد المقاعد الفردية المخصصة للمحافظات في هذا القانون متقاربة للعدد المخصص لها في عام 1989- لا بل أكثرمن ( 97 مقعدا) – وستكون باقي المقاعد مخصصة لأحزاب برامجية(41 مقعدا) بحيث يصبح عدد أعضاء المجلس 138 مقعدا.
ووفق نتائج استطلاع أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية تم نشره بتاريخ 22/ اذار / 2021 فإن:
36 % من الأردنيين يثقون بمجلس النواب الحالي، و38 % يثقون بنواب دائرتهم الانتخابية، و39 % من الأردنيين راضون عن أداء مجلس النواب الحالي، و37 % راضون عن أداء نواب دائرتهم الانتخابية.
الشاهد من هذه المقارنة بين أفضل مجلس في ذاكرة الأردنيين وبين المجلس الحالي يرى أن نسب الرضى في وقت انعقاد المجلس تكون ضعيفة، والصخب صوته عال، والأداء غير مرض لمن انتخبهم.
وذلك يعود برأيي لعدة أسباب؛ أهمها هو العمل الفردي الذي يخوضه النواب داخل القبة، حيث انك تجد زملاء لك في المجلس تتعرف عليهم لأول مرة؛ فلا تعرف توجهاتهم السياسية ولا نهجهم ولا حتى قناعاتهم التي سيطرحونها تحت قبة البرلمان.
لذلك ترى عدم التجانس في التصويت وعدم ثبات المواقف للكتل، وتشاهد فقدان الرؤيا في القضايا السياسية والاجتماعية.
فلا ترى إلا كتلا هلامية تتشكل لمصالح انتخاب رئيس للمجلس أو انتخاب اللجان، وعند أول منعطف تذوب وتتبخر وينشأ جسم كتلوي جديد بلا هوية كما سابقه.
وإذا ما علمنا أن العمل داخل مجلس النواب هو عمل جماعي كتلوي؛ فإن الأفضل هو تكوين كتل سياسية قبل الدخول لمجلس النواب – والأحزاب هي أفضل من يمثل ذلك – بحيث يبقى أعضاؤها متماسكين عند الدخول إلى البرلمان، وبذلك نؤسس لنهج جديد للعمل البرلماني أساسه إعادة الثقة في مجالس النواب التي نجلدها بعد ان ننتخبها ونسمها بإنها مجالس ديكورية.
(الغد)