الزمن هو عملية تقدم الأحداث بشكل مستمر وإلى أجل غير مسمّى بدءاً من الماضي مروراً بالحاضر وحتى المستقبل وهي عملية لا رجعة فيها متعذر الغاؤها.
نحن نحس بالزمن نقيسه - يختلف باختلاف وجهات النظر يتجلى بتوالي الليل والنهار - وبذلك اعتبر الزمن على أنه أحد المطلقات ولكن النظرية النسبية اعتبرته أحد مكونات المسرح الكوني الذي تجري فيه الأحداث..
في القرآن الكريم لم يستخدم مصطلح الزمن وإنما استخدم مصطلح الوقت - الحين - الدهر - والله اعتبر الزمن من النعم العظيمة - ومن الآيات الدالة على وجود الله- وحث القرآن الكريم للاستفاده من الزمن (وسارعوا) (استبقوا) والى استثمار الزمن في الخير، وأقسم الله سبحانه وتعالى بالزمن (والعصر) كما اقسم (بالفجر)، واقسم بالصبح، والضحى، والشفق كما اقسم بالنهار، والليل. كما اقسم بالليالي العشر - وبيوم القيامة - وبالعمر - وخص الله سبحانه وتعالى بعض الازمان بالطاعات كما هو بعض الاماكن - فالاشهر الحرم مثلا - شهر رمضان - ليلة القدر - ايام التشريق - يوم الجمعة - وقت السحر - الزمن جزء من معادلة الحضارة - مضافاً اليه الانسان والتراب..
وهناك الفاظ وردت تدل على الزمن مثل الحول، العام، العِشاء، وبالاضافة الى ما ذكرنا البكره - العداه - الغدو- الاصيل، الحين، الابد، السرمد، بضع سنين، اليوم، والله سخر لنا الليل والنهار واعتبر اختلاف الليل والنهار نعمة للانسان وذكر الليل اثنتين وتسعين مرة، والنهار - سبعاً وخمسين مرة.
وتستعمل السنة للدلالة على السنة الشمسية وتدل على الشدة والقحط - انا اعتقد انني بدأت بمقدمة فلسفية لا بد منها، لان قضيتنا هي قضية الزمن - الوقت - لا اتحدث عن المنجز الفردي - وانما اتحدث عن منجز الامة - الامة التي ننتسب اليها عربية كانت ام اسلامية قطرية كانت ام قومية - جيلنا - والجيل الذي سبقنا - وما هو مستقبل الجيل القادم - في ظل ما يخطط له - هل نحن افعال ام ردود افعال - غيرنا يخطط لنا - ونحن ننفذ ما يريد - لم تزدنا النوائب الا تفرقاً - ونعتقد اننا نسير نحو المستقبل - صحيح من حيث الزمن - مع ان فعل الماضي لم يرد بصيغته في القرآن إلا للدلالة على الحاضر والمستقبل...
لقد قال ابن خلدون إن للتاريخ قوانين تحكمه كما تحكم الفيزياء قوانينها مثالاً على ذلك (الظلم مؤذن بزوال العمران) (وتنتصر الامة الكافرة بالعدل - وتنهزم الامة المسلمة بالظلم) - والايام دول - لا يحكمها الا سننها (وتلك الايام نداولها بين الناس) وليس بين المسلمين في مثل هذه الايام سقطت غرناطة وتبعها محنة المسلمين في الاندلس من محاكم للتفتيش وقتل وتدمير لحضارتهم وحرق لهم ولكتبهم - هذا زمن مر ولن يرجع مكانه - ولكننا ما زلنا نتحدث عن زمانه - لان اسبابه اذا تكررت سننتهي الى نفس النتائج..
الميت هو الذي لا يحس بالزمن، اما الاحياء فعليهم الاحساس بالزمن لا يجوز لنا ونحن نتحدث عن الزمن ان يصبح الحنين الى الماضي هو السعادة او الامل او القوة - اين الحاضر والمستقبل - هل نحن في صراع بين الاجيال - ام في تكامل بينهم - لا نستغني عن طاقة او فئة فالكل في السفينة - مسؤول عنها - ولن يفيدنا الصراع الا باستمرار تحكم العدو - الذي ربما اصبح يصنف في قائمة الاصدقاء - واصبح الصديق عدواً - هل هذا هو الزمن الذي نريده ونسعى اليه - جميل ان نحتفل بالزمن كانجاز - اما ان نحتفل بالزمن لمجرد الوقت بتغير الرقم - او الساعة - فهذا ليس هو من فلسفة الوقت لا في الدين ولا في الحضارة - ولا في مسيرة الانسان.
(الرأي)