لا تزال النسبة الأكبر من المثقفين والإعلاميين الأردنيين ، إضافة إلى السياسيين غير مدركة بعد لمدى التأثير الكبير الذي تحدثه أدوات التواصل الاجتماعي الجديدة في تناميها المستمر عبر شبكة الإنترنت ، والتي باتت تمثل منظومة من الأدوات المهمة لنقل ونشر وإنتاج المعرفة والمعلومات. وإذا كانت هذه النسبة الكبيرة تحجم عن استخدام تلك الأدوات لعدم قناعة منهم بجدواها ، فإن هنالك توجها غريبا نحو انتقاد ، بل والسخرية من الشخصيات السياسية والإعلامية التي تستخدم هذه الأدوات ، حيث يتم توجيه تهم إلى الوزراء الذين يستخدمون هذه الوسائل بأنهم بعيدون عن الواقع ويحاولون تقليد نجوم الغناء والسينما والرياضة،
أن نظرة سريعة لأسماء الشخصيات السياسية التي تستخدم تويتر وفيسبوك في العالم تخبرنا أننا أمام العشرات من رؤساء الدول والمئات من الوزراء وربما الآلاف من المسؤولين السياسيين الذين يتواصلون مع جمهور من المهتمين عبر وسائل الاتصال الإلكتروني ، وفي دولة تفخر بنموها المتميز في مجال تكنولوجيا المعلومات فإن استخدام الوزراء والمسؤولين لتويتر وفيسبوك يجب أن يكون هو القاعدة لا الإستثناء من أجل تحسين التواصل مع نسبة عالية من الشباب الأردنيين الذين يحسون بمسافة كبيرة تفصلهم عن صناع القرار ، خاصة أن حوالي مليون أردني لديهم حسابات في فيسبوك وهو يشكل أكبر موقع للتواصل الاجتماعي وتوجد إمكانيات هائلة لاستثمار هذا الموقع في النقاشات الجادة.
مؤخرا افتتح رئيس الوزراء سمير الرفاعي رصيده على تويتر ، وقبله كان وزير الخارجية ووزير الطاقة وثم وزير التعليم العالي وكذلك أمين عمان ، وهذا التوجه يستحق التشجيع لأن الإطلاع على محتوى النقاشات التي تحدث عبر هذه المساحات من التواصل مع الشباب تشير إلى أهمية متزايدة وتساعد المسؤول على تقديم تصورات واضحة حول مواقفه وتتيح ايضا للمواطنين الاستفسار ونقل معلومات وآراء بشكل مباشر.
وبالنسبة للذين يخشون ضياع أوقات المسؤولين الثمين باستخدام تويتر وفيسبوك للتواصل مع المواطنين فمن المفيد للناس معرفة أن جدول الأعمال النموذجي لاي وزير يكون مليئا بالمناسبات البروتوكولية مثل افتتاح ورشة عمل أو مؤتمر وإلقاء كلمة الإفتتاح أو الالتقاء مع 20 زائرا في اليوم من أصل 100 يطلبون مقابلة الوزير وغالبا من أجل واسطات وتصريف مصالح شخصية أو فقط من أجل طق الحنك ، . في هذا الماراثون من البروتوكولات فإن التواصل الذي يتم مع المواطنين عبر تويتر وفيسبوك ولا يستغرق أكثر من نصف ساعة يوميا يبدو أكثر قيمة من كل ما سبق.
وإذا لم تكن للوزير أو المسؤول الرغبة ولا القناعة بالمشاركة الشخصية في هذه الوسائل فيمكن أن يتمتع الموقع الإلكتروني لكل وزارة ومؤسسة عامة بخدمة إشتراك المتصفحين بالأخبار والمعلومات المتجددة الصادرة عن الوزارة والمؤسسة العامة من خلال أدوات التواصل الإلكتروني وهذه أصبحت من سمات إدارة المعلومات والاتصال الرئيسية في كافة المؤسسات الحديثة.
من المستغرب أنه في دولة مثل الأردن تمتلك المزايا البشرية والفنية التي تؤهلها لأن تكون رائدة في مجال تكنولوجيا المعلومات لا يزال البعض من "المثقفين" يعتبر المعرفة الإلكترونية واستخدام الإنترنت وأدوات الاتصال الحديثة صفة تستحق السخرية ، وربما يكون من المهم أن نتذكر جميعنا أننا في العام 2010 وأن هنالك عالما جديدا يتشكل ولا بد أن نكون على مستوى من التكيف الفعال معه.
الدستور