هل نسجل للانتخابات النيابية ام نقاطع التسجيل؟! كان هذا هو سؤال الاشهر الماضية لدى بعض القيادات السياسية والحزبية! ورغم كل المبررات والحجج التي سيقت، والتي تتراوح بين الوجاهة والموضوعية من جهة، والعجز والمناكفة والحرد للفت النظر، من جهة اخرى، فقد اسهم ذلك السؤال، الذي ننفرد به بين شعوب الارض، والذي انتشر في الرأي العام، في تثبيط همم المواطنين الذين انطلت عليهم تلك المبررات، وأقعدتهم عن تسجيل انفسهم، او تسجيل ابنائهم الذين بلغوا سن الانتخاب، او اعادة نقل اسمائهم الى دوائرهم الاصلية.
وسيدور سؤال مماثل، ننفرد به ايضا بين شعوب الارض هو: هل نذهب الى صناديق الاقتراع ام نقاطع الانتخابات؟! وستساق مبررات وحجج متفاوتة في منطلقاتها ووجاهتها، ستنتشر بين المواطنين، تطرحها جهات وهيئات وسياسيون واحزاب ستثبط همم البعض، وتقعدهم عن المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة.
كان الغاء الاحكام العرفية واطلاق الحريات العامة، وتحرير حق المواطنين وارادتهم في الانتخابات النيابية، شعارا مركزيا دائما، يتصدر بيانات كل الاحزاب والهيئات والنقابات على اختلاف توجهاتها وبنياتها السياسية والاقتصادية والفكرية، فقد كان مجلس النواب الاردني - وسيظل - المؤسسة التشريعية الرقابية الاردنية، التي تحقق التوازن وتحمي مصالح المواطنين وحقوقهم من تغوّل الحكومات وتفردها بالحكم دون حسيب او رقيب، وسيظل مجلس النواب موضع ثقة المواطن واداته التي يمارس من خلالها، ما لا يجب ان يمارسه مباشرة، من مهام اوكلها الى ممثلين ينتخبهم، تتمثل في الرقابة والرفض والاحتجاج والمخالفة والتدقيق ومنح الثقة او حجبها.
ها هو عقد ثالث من استئناف الحياة الديمقراطية الاردنية قد بدأ، وها نحن نتقدم اونتراجع اونراوح في هذه المادة او تلك من مواد القوانين المتعلقة بالحريات العامة، كقانون الانتخاب لمجلس النواب، أوقانون الاجتماعات العامة أوغيرها من التشريعات ذات المساس المباشر بحياة المواطن، لا احد يدعي ان تشريعاتنا قد بلغت الكمال والتمام وان مجلس النواب الجديد لن يعيد النظر في كل ما تم اقراره من قوانين مؤقتة لجهة جعلها اكثر تحقيقا لمصالح المواطن هدف التشريع والتنمية وغايتهما.
نتفق على ان المقاطعة فعل سلبي تراجعي انسحابي نكوصي لن يؤدي الى توقف الانتخابات النيابية ولا الى تحقيق ما يطالب المقاطعون بتحقيقه. بل على العكس ستؤدي المقاطعة الى تفويت الفرصة على امكانية تحقيق ما يخشى المقاطعون ان لا يتحقق!!
قلنا في معالجة سابقة: «ان البرلمان السيء، ينتخبه الناخبون الطيبون، الذين لا يذهبون الى صناديق الاقتراع!!». هذه الحكمة ليست من «عندياتنا» بل هي حكمة الشعوب وخلاصة تجاربها في الانتخابات النيابية والبلدية والنقابية والطلابية...الخ. ففي الوقت الذي نتطلع فيه الى اقبال نوعي كبير على الاقتراع في شهر تشرين الثاني المقبل، من اجل ان يعبر مجلس النواب الجديد تعبيرا اكثر دقة وتمثيلا عن شعبنا، بكل فئاته ومناطقه، فاننا نلاحظ ان المقاطعة سوف تؤدي فقط، الى خفض نسبة الاقتراع لا الى تجميد عملية الاقتراع.
نعول كثيرا على مجلس النواب الجديد، الذي تنشغل به الان، اكبر ورشة عمل في تاريخ الاردن، ليكون معبرا عن امال الاردنيين وليتناسب مع كراماتهم وما يليق بهم وليعبرعن طموحات قائد الوطن وراعي المسيرة، الذي طالما تمنى وعمل بشكل منهجي، من اجل ان يضم هذا المجلس رجال وطننا وشبابه ونساءه، وخبراء وطننا وكفاءاته في حقول التشريع والقانون والمهن وليمثل مختلف الجهات والمناطق كما في كل برلمانات العالم، وليكون عصانا الغليظة التي نهش بها على الفاسدين، وليكون الحجاب الحاجز بينهم وبين قوت اطفالنا، وليكون اداة مجتمعنا التي نتقي بها شرور الفاسدين وأذاهم.
وكما رفع مجتمعنا في الحقبة العرفية شعار الحريات العامة والانتخابات النيابية الان، نرفع اليوم شعار مكافحة الفساد الان، وحماية الوطن من سوسه الشرس وسرطانه اللعين بلا ابطاء او تلكؤ او ارجاء، وهو ما اقتضي ان نسجل بشكل موسع في سجلات الناخبين، وان نقبل بحماس وطني منقطع النظيرعلى الاقتراع يوم الوطن الكبير، من اجل اختيار نواب وطننا وفق المعايير الوطنية التي تضع في المقام الاعلى الكفاءة والخبرة والامانة والنظافة والقدرة على الخدمة العامة المجردة من الغرض الشخصي والمصلحة الخاصة.
Assem.alabed@gmail.com
الراي