شاهدته ينتقي بعناية حبات الخضار ، يلتقط الحبة النضرة ، ويبعد باستياء الحبة التي أصابها الذبول ، يبحث عن تلك الحبة الممتلئة من الفاكهة ويترك الهزيله .. حاله كحال بقية أبناء الشعب .
.. أخذني هذا المنظر بعيدا بتفكيري وأخذت أسال نفسي : هذه الملامح ليست غريبة عني ، أين شاهدت هذا الشخص ؟ ويشبه من؟
ذهبت الأيام ، إلى أن شاهدته مرة أخرى في أحد المتاجر الكبرى ، يختار من بين العروض ما يزداد جمالا في ناظريه ، وما يناسب أذواق عائلته ، ويختار الأنسب منها - كبقية الشعب - .. وأخذت أعصر تفكيري وأقول لنفسي : شكله مألوف ، من يا ترى يكون هذا الشخص الذي يتجول بالاسواق كبقية الشعب ؟
ما هي إلا أيام ، حتى شاهدته مع عائلته في أحد المحال التجارية ، التي أعلنت عن تخفيضات غير مسبوقة على بضائعها - حاله مثل الكثيرين من أبناء الشعب - توقفت كثيرا وأنا أبحث في ذاكرتي عن هذا الشكل المالوف ، وأحاول أن أتذكر أين رأيته؟
شاءت الاقدار أن أجتمع معه مرة أخرى ، لكن هذه المرة في إحدى الدول السياحية القريبة .. اختارها كغيره من بعض أبناء الشعب ؛ ليقضي عطلة عائلية قصيرة .. انتهت الرحلة وأنا أبحث في ذاكرتي عن شخصية هذا الرجل ، الذي تكررت مشاهداتي له ، وأتساءل ، من هو هذا الشخص ؟ .
ومؤخرا شاهدته أيضا ، وهذه المرة في أحد المطاعم العمانية بصحبة أصدقاء له ، وهو يلتهم الأكلة المفضله لأبناء الشعب ، ألا وهي الفول والفلافل والحمص ، وما أن انتهى من التلذذ في التهامها ، حتى أخذ يتمحص بالفاتورة ويدقق بها .. مثله مثل بقية الشعب .
عندها ، تذكرته ، نعم أنه وزير
يعيش زي الشعب
يمشي زي الشعب
يتنفس زي الشعب
..
..
يأكل زي الشعب
لكن عند أتخاذ قرارات للشعب ، نجده يأكل .. الشعب
Jaradat63@yahoo.com