مع انطفاء شمعة العام 2021م وعلى أبواب شمعة أمل من العمر الجديد خلال العام 2022م، أطلّت علينا جلالة الملكة رانيا العبدالله مؤخرا بمعايدة لافتة على منصات التواصل حملت بمختلف أبعادها مفهوم "بساطة الرقي ورقي البساطة...".
سلوك المعايدة بحد ذاته لم يكن جديدا على العائلة الهاشمية ولا على جلالة الملكة، فهو أحد الوسائل الأنيقة التي لطالما دأبت العائلة الملكية على إدامته للتواصل مع شعبها، ولكن الملفت هذا العام – ومن وجهة نظري الشخصية – هو الأسلوب الجديد الذي اتبعته الملكة للتعبير عن مشاركتها التهاني بالخير والأمل المقبل من خلال مقطع فيديو قصير (ريل) عبر صفحتها على إنستغرام، حمل بطياته مضمون كامن يوحي بعمق الرسالة الموجهة.
لاحظنا أن جلالة الملكة رانيا خلال معايدتها لنا، لم تهمس ببنت شفة ولم تقم بأي تواصل بصري لحظي مع الكاميرا، وترجمت تهانيها بكتابة رسالة نصية سريعة وبطابع ملهم متصاعد الإيقاع، يرافقها صوت نقرات لوحة المفاتيح على هاتفها الشخصي ما حفز المشاهد حسيا وسمعيا للمتابعة ، وتم إنهاء معايدتها بملصق "ستيكر" يحمل تاريخ العام 2022 وبشماغ أردني مبتسم وكأنها رسالة معايدة على لسان كافة الأردنيين إلى العالم أجمع.
لدى دول العالم المتقدم، تخصصات متطورة معنية بدراسة الصورة ودلالاتها تحت مظلّة علم متخصص يسمى الـ "Profiling / التشخيص"، وفي تقديري المتواضع ان جلالة الملكة قدمت صورة دخلت في صلب التكوين النفسي للمجتمع لتكسر حاجز المسافة بينها وبين أفراده من خلال الظهور وكأنها قامت بمراسلة كل من يشاهد المقطع.
المعايدة بحد ذاتها جسدت ثقافة الصورة وتحليلها وابتعدت فيها عن تفاصيل الكلام ، فالصورة لم توحي بأي مظاهر للتكلف لا بل انحصرت بالرمزية، فعلى سبيل المثال ظهرت الملكة وهي تكتب رسالتها بابتسامة دافئة مرتدية "تي شيرت برسوم كرتونية يعتليه معطف خفيف" في جلسة خارجية لمنزلها ضمن أجواء تحمل نسائم كانون وخلفها مرقب "تلسكوب"، وكأن الصورة تطلب من أصحاب الاختصاص التفسير أو تدفعهم الى "عدم التوسع بالتفسير" وترك الأمور على بساطتها، وجلالتها التي قالت يوما : "ان وسائل التواصل الاجتماعي في يومنا هذا قد تكون أكبر مناصر أو مضلل للحقيقة، بعد أن استباحها البعض للتنمر والتشكيك في كل منجز، واحباط كل بارقة أمل".
يبدو ان الأسلوب المبتكر في المعايدة وعلى ضوء المحاولات السابقة لتسجيل رسالة "العتب" التي جاءت بدافع "المحبة" للأردنيين قبل عامين، ضمن حملات التشويه التي تعرض له مقامها خلال السنوات السابقة، دفعها لاختيار جمهور معايدتها بعيدا عن أصحاب "سبق الإصرار والتربص" الذين يتصيدون بحرفية تفاصيل حياتها كإنسانة، متناسين أن أم الحسين كانت ولا زالت المبادرة والرائدة والمبتكرة بعزيمة لم تنثني على مدار ثمانية وعشرين عاما، وقبل هذا وكله فهي زوجة جلالة الملك و أم الحسين، وأن أي تشكيك بمنجزات جلالتها من قبل البعض لدوافع شخصية أو عرقلة مقصودة للمسيرة الوطنية يحمل بطياته تأثيراَ سلبياَ على جلالة الملك وسمو ولي العهد، وهم العائلة الواحدة الموّحدة لكل مشاعر الانتماء والتقدير وحب الأردنيين.
إن محبة العائلة الهاشمية تأتي مجتمعة لا مجزئة بين أفرادها، وان الحديث بغير ذلك قد يهدف الى اثارة الشكوك أو التشكيك بالوطن وقيادته، ولا يجوز المساس بشخوص هذه العائلة كذريعة "للبعض" لتصفية حسابات تضر بسمعة وسلامة هذا الوطن ورموزه.
قد لا تكون جلالتها نطقت بكل ما جال في خاطرها بمقطع المعايدة، إلا أن فراسة المؤمن وإدراك بصيرة المحبين قد يفسّر ما في القلوب "فالقلوب إذا صفت رأت"... وهو ما قادني اليه اجتهادي في قراءة المشهد.
كل عام وأم الحسين وعائلتنا الهاشمية "قيادة وشعب" بألف خير ...