الأردن بين الولاء للوطن والانتماء للأمة! (2-2)
د. سحر المجالي
24-07-2010 09:00 PM
كان المهاتما « غاندي» يؤكد على الولاء للهند كطريق مبدئي لتحرير الهند من الاستعمار البريطاني. واستمر رفاقه ومنظري حركة التحرير الوطني الهندي، «جواهر لآل نهرو ومولانا أزاد و أبو الكلام ومحمد علي جناح» وغيرهم الكثير يصرون على قياس مدى إخلاص الهندي لهنديته ووطنه بمقدار ما يقدم للهند من واجبات ويلتزم بالأعراف والتقاليد والثقافة والقيم الهندية، ويخدم وطنه من موقعه، بدءاً من سائق» الركشا» إلى « تاتا» الملياردير المعروف. وأصبحت « عنزة غاندي» التي تسافر معه في حله وترحاله رمزاً للقناعة الوطنية وحفظاً للمال العام وقدسية للناتج الوطني ورفضاً لثقافة الاستهلاك التي فرضها المستعمر على الهند. ولم نسمع عن هندي « خون» آخر أو رفض القبيل، بل شكل هذا الفسيفساء الغريب- العجيب، بالرغم من كل التناقضات، مجتمعاً أحترم نفسه ولم ينسلخ عن تراث أمته، ففرض وجوده على الساحة الدولية، حتى أصبحت الهند ممن سيقود القرن القادم.
أما عندنا، فإن البعض يبحث بكل آسف عن حقوقه قبل أن يقدم واجباته، ويطالب بما له قبل أن يؤدي ما عليه، في حين أن العكس هو الصحيح، الواجبات قبل الحقوق، وتأدية ما عليه قبل أخذ ما له، وإلا فكيف تُبنى الأوطان وتنهض الأمم، وكيف تصان وكيف تحفظ؟ بل وصل الجحود في البعض إلى أن ينظر للأردن كفندق عائم في بحر عوالم « البزنس والصفقات»، أو كمحطة من محطات قطار الربح السريع وتجار الحروب التي تفتقر للدين والخلق والقيم وينقصها معاني المبدأ وأسس الولاء للوطن والانتماء للأمة .
كما أنه وانطلاقا من أبجديات الصدق مع الذات، يجب علينا أن نقولها صراحة إن كنا مع الوطن او كنا ضد الوطن، ولكن ان نكون مع الوطن عندما نريد مطالبنا، ونكون ضده عندما يطالبنا هو بحقوقه، ان نكون مع الوطن إن أردنا أن نقتسم المغنم، وان نتخلى عنه ان واجهنا استحقاقات المغرم، هذه حالة لا يجوز السكوت عليها.
وعليه فلا بد من التركيز على أهمية ما ورد ولو بصورة سريعة في سجل تراثنا الأردني-العربي-الإسلامي عن الولاء ومفهوم الولاء ومعنى الولاء وماهية الولاء، لقد جاء كل ذلك في كلمات قليلة إلا أنها كبيرة المعنى والمغزى، فمن لا يريد أن يكون أردنيا فليعلن ذلك، ومن يريد أن يكون أردنيا فعليه واجب المواطنة، وعليه أن يؤدي كل ما يُطلب منه، وأول ذلك أن يعلن ولاءه للوطن بكل مكوناته ابتداء بالولاء للقائد ومن ثم بالولاء للنظام ثم بالولاء لمجموع مكونات الوطن. ومن الغريب أن الأردن، وهذا أمر بحاجة إلى تفسير، من أكثر البلدان في المنطقة التي يتعرض لظلم أبنائه، وتمارس فيه طقوس جلد الذات على الرغم من انه أكثر بلدان المنطقة خدمة لأبنائه ومواطنيه.
ومن هنا فإن المطلوب أن يكون الولاء من المواطن للوطن غير مسبوق والانتماء للعروبة أيضا غير مسبوق. وهكذا علينا أن نعلن صراحة ولاءنا للوطن وإلا فان كل شيء يظل مشكوكا فيه، ويغدو السؤال المطروح كيف تسكن وطنا أنت غير موالٍ له ؟ هذا أمر ضد الطبيعة وضد المنطق وضد العقل.
Almajali74@yahoo.com
(الرأي)