تغليب الحل الاقتصادي على السياسي
كمال زكارنة
01-01-2022 01:00 PM
تسعى الحكومة الاسرائيلية الى قلب الموازين، والعمل على تغليب الحل الاقتصادي على حساب الحل السياسي للقضية الفلسطينية، بالتناغم مع استدارة الادارة الامريكية،وصمت الاتحاد الاوروبي،ولا حول ولا قوة دول الشرق الاوسط وغيرها من دول العالم المختلفة.
كما هو ملاحظ، كل التركيز في هذه المرحلة ينصب على القضايا الاقتصادية، سواء على مستوى المشاريع والاتفاقيات والعقود وغيرها، وحجز الاموال الفلسطينية والافراج عنها على دفعات، ومحاولة اختزال الهم الفلسطيني بالحصول على تصاريح عمل في الداخل المحتل، وتسهيلات في السفر خارج فلسطين، وزيادة اعداد التصاريح الخاصة بذلك حسب تصنيفاتها وفئاتها وصلاحياتها، وموافقات لم شمل العائلات على قلتها وصعوبة الحصول عليها، علما بأن كل هذه الامور تعتبر تحصيل حاصل، وهي من الاشياء الاساسية جدا في الحياة، ولا تحتاج الى اتفاقيات ثنائية، وبمقدور الموظفين في الصف الخامس او العاشر من الجانبين الفلسطيني والاسرئيلي التنسيق بشأنها وترتيبها.
كما تسعى حكومة الاحتلال ان يطغى الموضوع الاقتصادي على السياسي، ويتحول الصراع الى اقتصادي معيشي، وكأن الشعب الفلسطيني يبحث عن رغد العيش ورفع مستوى المعيشة في ظل الاحتلال، وتحاول حكومة بينيت اقناع العالم بهذا المضمون، وان تسكيت الشعب الفلسطيني ممكن بالسخاء اكثر بتقديم المساعدات له وتسهيل حركة تنقلاته وتسهيل حصوله على فرص عمل اكثر.
فلسطينيا، الخطة الاسرائيلية مكشوفة، وهي مرفوضة تماما وبالمطلق، لكن العقبة التي تواجه الموقف الفلسطيني منها، تتمثل في عدم الرفض الامريكي لها، حيث يصل موقف الادارة الامريكية الى حد التغطية عليها، فيمل يلوذ الموقف الاوروبي بالصمت الغريب.
اجبار قطاع غزة والضفة الغربية، على الاعتماد على الغاز والكهرباء والمياه من اسرائيل، وتبرع بعض الدول العربية بدفع اثمانها، يندرج في سياق خطة الاحتلال بتقديم الحل الاقتصادي على السياسي، والابقاء على الاحتلال قائما على الارض، وتجريد الشعب الفلسطيني من جميع الحقوق التي اقرتها الشرعية الدولية، واعتبار عملية السلام من مخلفات الماضي.
يحتدم الصراع الآن، بين الاقتصادي والسياسي، من جهة، وكيف يمكن اعادته الى المجابهة بين المطالبة بانهاء الاحتلال على اساس حل الدولتين بدعم عربي دولي اممي، وبين الرفض الاسرائيلي لكافة اشكال الحلول السلمية التي تضمن استعادة الحقوق الفلسطينية.
لا تستطيع الحكومة الاسرائيلية تجميد او تمويت عملية السلام وحسب، بل عليها ان تجد البديل وتقنع العالم بجدواه، وتحصل على تأييد عالمي او على الاقل تحييد المواقف الدولية، ووقف مطالبة اسرائيل بالاستجابة للحلول السياسية، لذلك لجأت للتركيز على الجانب الاقتصادي في هذه المرحلة.
اطالة امد الاحتلال، بالتأكيد يخدم مصالح الاحتلال، ويضر بالمصلحة الفلسطينية والعربية، لذلك لا بد من تحرك يعيد الحراك السياسي الى الواجهة، او على الاقل ليتوازى من حيث الاهتمام، مع الجانب الاقتصادي.