بعيدا عن المجاملات ووضع الرؤوس في الرمال فان مشروع الاصلاح السياسي الذي تمت ترجمته بتشكيل لجنة التحديث ومخرجاتها التي ذهبت للحكومة وهي اليوم في مجلس النواب، هذا المشروع يضيع يوما بعد يوم ويفقد وزنه كمشروع اصلاح سياسي نتيجة عوامل كثيرة رافقته منذ تشكيل اللجنة وبعض اسباب العداء التي تم تجاوز كثير منها لكن مسيرة المشروع وخاصة ماورد في التعديلات الدستورية وطريقة تسويق هذا المشروع والمخرجات من الحكومة ثم ما يتعرض له اليوم في مجلس النواب يفقد هذه المخرجات صفة المشروع الاصلاحي ويحولها الى تشريعات خلافية.
وعلينا أن لا نغمض عيوننا عن امر هام وهو ان بعض المواد وخاصة في التعديلات الدستورية يتم النظر اليها من قبل قوى اجتماعية مهمة على انها مناقضة لهوية الدولة وانها تمثل خطرا كبيرا على بنية الدولة الاردنية.
واضيف الى هذا ان فكرة مجلس الأمن الوطني لم يتم تقديمها للناس بشكل موفق، وتم تسويقها بشكل ضعيف فزاد خصومها.
وما حدث في مجلس النواب قبل ايام ومهما كانت اسبابه الميدانية الا انه صنع تشتيتا عن المشروع السياسي، وظهر وكأن هذا المشروع مرفوض وان تمريره يحتاج الى خطط عمل وضغوطات.
فرق بين ان تكون تشريعات الاصلاح السياسي تحمل بعض القضايا الخلافية وبين ان يتحول إلى مشروع محل رفض او تشكيك به، وواقع هذا المشروع اليوم يقول انه في وضع سياسي وشعبي غير ايجابي وان المحافظة عليه تحتاج الى ادارة سياسية مختلفة عما يتم، لان ادارته منذ ان ذهب للحكومة وحتى اليوم تفقده وزنه الاصلاحي وحولته الى عبء يريد كل طرف التخلص منه او المماطلة في اقراره، وان كثيرا من المدافعين عنه يقومون بهذا من باب الواجب وليس القناعة.
في مسار الدولة لاتستطيع كل عام ان تتبنى مشروع اصلاح سياسي، وعندما يلحق الاذى والضعف بأي مشروع اصلاح فان هذا ينعكس على فكرة الاصلاح وجدية الدولة في هذا المجال.
القصة ليست قانون انتخاب او احزاب جديدين بل في نوايا الدولة تجاه الاصلاح، وهذا المشروع يلاقي ابتسامات مجاملة من البعض ويلاقي حربا وعداء في اوساط شعبية واجتماعية وايضا اوساط سياسية حتى ممن شاركوا باقراره، لكن مثل هذه المشاريع تحتاج الى ادارة سياسية وتفاعل مع الناس اما تركه شهورا طويلة في ظل ما يعاني من رفض من بعض القوى السياسية والشعبية وتركه ايضا ليكون مادة تجاذبات في البرلمان فالنتيجة المتوقعة تفتيت المشروع وتحويله الى قوانين خلافية.
ليست المشكلة في اقرار تشريعات الاصلاح في مجلس الامة فهذا سيحدث في النهاية لكنها ستكون في ظل كل ماجرى وماسيجري تشريعات بلا سند او قبول من فئات مهمة في المجتمع وهنا تكون الخسارة السياسية الكبيرة للدولة.
ونتذكر ماكان عام ٢٠١١ و٢٠١٢ من حراك في الشارع لكن ما تم من خطوات اصلاحية مهمة في ذلك الوقت كانت تتم بقوة دفع كبيرة وتم اقرارها وتحويلها الى واقع ومؤسسات وكان هذا جزءا من اسلحة الدولة في تجاوز تلك المرحلة القلقة.