منذ وفاة أٌمنا، "القطاع العام"، وانسحاب الدولة من الاقتصاد والسوق، أوائل التسعينيات، وعقد قران أبانا، الذي في الأرض، على القطاع الخاص "القاصر"، وبعقد مأذون غير شرعي "صندوق النقد الدولي" وشهود من الليبراليين الجدد، شعر الأردني باليتم والحرمان، وفقدان الأم الرؤوم، ومن يومها وهذا "القاروط" يتلقى الصفعة تلو الصفعة، في تناغم "هارموني"، يظنه السامع عن بُعد، “تسحيجاً"، في "دحية" الأمن والأمان، وسلام موهوم مع عدو معلوم!
قالوا لنا: الحكومة فاشلة في إدارة الاقتصاد، والحرب والمعارك أنهكتنا، وموازنات الدفاع أكلت أموالنا، تعالوا نتعلم من "تاتشر" و "وريغان" ونتجه " للخصخصة" والسوق الحر، بعيداً عن التخطيط ومدارسه العالمية التي تنهار في بلدانها! تعالوا إلى سلام يدر استثماراً ورفاه! بعيداً عن حروب ومواجهات تستنزف مواردنا وتلتهم ربع موازناتنا... صمتنا، وصمتت " القواريط"، فظنوا صمتنا قبولاً، فأهدونا ديمقراطية "مَكْلَمة" مجالس نواب تقول ما تشاء وحكومات تفعل ما تشاء!
في الأنظمة الملكية، يقول التاريخ، إن موت ملك وتولي إبنه الشاب، فرصة للتتغير والتحديث، وهذا ما تم عندنا، فمنذ تولي جلالة الملك "عبدالله الثاني"، وهو لا يوفر جهداً لتحديث وتطوير وإصلاح منظومة الحكم، فمن "الأردن اولاً" إلى "كلنا الأردن" إلى "الاجندة الوطنية" إلى "الأوراق النقاشية" وصولاً لـ "لجنة تحديث المنظومة السياسية".
في كل محطة من محطات الإصلاح تلك، كانت هناك فرق قناصة، من داخل "السيستم"، ومن خارجه، توحد خنادقها وتصوب بنادقها، ولكنها لم تكتف بما حققته من فوز بالنقاط، فقررت، مع بدء الموجة الاخيرة من الإصلاحات، الأكثر جدية والاشد حزماً وضماناً من الملك ذاته "لجنة تحديث المنظومة السياسية" أن تشكل "فرقة إعدام"، غير مكتفية بالقناصة، وقوام تلك الفرقة تشكلت من البيروقراط المهزوم و "الإسلام السياسي" المأزوم، وكلاهما يتغذى بعتاد و"فشك" بيئة اجتماعية واقتصادية وسياسية منهكة بأمراض مزمنة من الفقر والبطالة والإقصاء والتهميش والكآبة وقلة الحيلة.
من لم يصدق، ليفتح عينيه على اتساعها وليصغِ جيدا بأذنيه، لما جرى في جلسة النواب الأخيرة، وليبحث معي، بين الركلات والأرجل، عن البوصلة الضائعة !!