الانفجار الكبير .. لماذا كل هذا الغضب تحت قبة البرلمان
محمد الخالد
30-12-2021 08:58 PM
كشفت الاحداث التي جرت تحت قبة البرلمان يوم الثلاثاء الماضي في فاتحة النقاش النيابي لاقرار التعديلات الدستورية عن ازمة عميقة تعصف بتلك المؤسسة هي امتداد لسلة معقدة من الازمات والمواقف المتراكمة التي ظهرت على شكل حلبة مصارعة نيابية لمختلف الاوزان والاحجام.
يمكن القول ان مسار الازمة الطويل والمعقد تراكم عبر السنوات الاخيرة في محطات متعددة، حيث لا يمكن اغفال العقد الماضي وما حملته رياح الربيع العربي من تغيير حاد في المزاج الاردني كان مسار الخصخصة وبيع مؤسسات الدولة قد وضع المداميك الاساسية لحالة الغضب تلك، دون ان يتمكن الاردن من انجاز "تسوية" تاريخية تعيد بناء الدولة ولحمتها الوطنية خلف مشروع سياسي واضح، في ظل ثورة تكنولوجية وعولمة اعادة تشكيل العالم والامزجة والدول.
لعل ازمة اضراب المعلمين ومن ثم اوامر الدفاع التي جاءت بفعل جائحة كورونا ساهمة في تعميق الفجوة بين الاردنيين والدولة في ظل اطباق رسمي على الفضاء العام انعكس في تراجع الاردن في المؤشرات الدولية حول حرية التعبير والرأي وغيرها من المؤشرات، وهو ما يدفع الغضب والتوتر عميقا في بنية المجتمع.
جاءت لجنة تحديث المنظومة السياسية كنوع من الاستجابة لازمة بنية الدولة ورغبة الملك عبد الله الثاني في تجاوز ازمة الاستعصاء وعجز الادوات القديمة عن انجاز التغيير المنشود اردنيا، الا ان تلك اللجنة واجهت تشكيكا شعبيا وصل الى حدود 68 بالمائة من عينة دراسة اجراها مركز الدراست الاستراتيجية في الجامعة الاردنية اضافة الى غضب نيابي مكتوم من مسار اللجنة التي تشكلت بعيدا عنه، اضافة الى القلق النيابي من ان تلك اللجنة ومخرجاتها ستؤدي الى رحيل المجلس مبكرا، لتأتي مخرجات اللجنة الى الحكومة التي اضافت بعض التعديلات عليها قبل ان ترسلها الى النواب، وتساهم في تلك التعديلات في تعميق الشكوك حول الاهداف والمبررات التي يجري سوقها لهذا المسار.
الازمة البرلمانية تصاعدت مع الادارة غير الموفقة لرئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب عبد المنعم العودات لاعمال تلك الجلسة التي بلغت حد احتجاج اعضاء اللجنة ذاتهم والتي تمثلت في اغلاق اعمال تلك اللجنة وحرمان كتل وازنة في البرلمان من تقديم رأيها في التعديلات المقترحة وعلى التحديد كتلة الشعب التي ينتمي لها رئيس المجلس عبد الكريم الدغمي.
اداء العودات هذا ساهم في زيادة توتير الاجواء اضافة الى سعي كتلة الاصلاح النيابية الاخوانية في توظيف حالة الاحتقان تلك في سبيل حصد اكبر قدر من الشعبوية من خلال المشاغبة على الجلسة المنعقة صباح الثلاثاء.
كان رئيس المجلس يواجه تلك الازمات المتراكمة اضافة الى سيكلوجيا الرجل التي تمتاز بسرعة الغضب، لتبدأ الاجواء بالتوتر تحت القبة وتبلغ ذروتها عبر اداء العودات الذي امعن في استفزاز خصومه تحت القبة مع اصراره على منادات رئيس المجلس بالقول "معالي الاخ" دون الاشارة لموقعه برئيس المجلس، ومن ثم الذهاب الى التصرف بمنطق الرئيس عندما امر النواب المحتجين بالجلوس عبر ترديد جملة "اقعد" اكثر من مرة حيث بدأ العودات يتصرف من موقعه كنائب وكأنه ما زال في موقع الرئيس.
الازمات تلك ساهمت في خلط الاوراق ليبدأ العراك بالأيدي لترفع الجلسة لصباح يوم الاحد المقبل.
سيكون الاسبوع المقبل اسبوعا حافلا حيث على البرلمان ان يصوت على 29 تعديلا دستوريا بالمناداة على كل نائب اي ما يعادل 3770 اقرارا او رفض لتلك المواد وهو جهد يحتاج الى وقوف مؤسسات الدولة والنواب على مسؤلياتهم الوطنية للحيلولة دون انفلات الامور عن عقالها ودفع حالة الغضب تلك الى الشارع الاردني الذي يعاني من تداعيات جائحة كورونا وحالة من الغضب وعدم اليقين.