رغم الاستياء العام الذي احدثه الشغب والعراك الذي حصل في مجلس النواب اخيرا،والذي لا يمت للديمقراطية بصلة،وهو فوضى مطلقة،فان معالجة الوضع داخل المجلس كمؤسسة وطنية تشكل احد اهم اركان الدولة،تتطلب العودة الى الخلف ،لتتبع النقاشات البينية الحادة التي كانت تحصل بين الاعضاء،والتي كانت تتطور احيانا الى تبادل اطلاق كاسات المياه والمنافض وما توفر على المكاتب والطاولات في كل الاتجاهات،والوقوف عند هذه السلوكيات،التي تتنافى وتتعارض مع الوظيفة والواجب الخاص بعضو مجلس النواب.

كيف ولماذا حصل الشجار العنيف بين عدد من اعضاء المجلس ،يترك للمجلس،بعد ان اشبع تشخيصا وتعليقا وتندرا وعتبا ولوما وتحليلا،ولا بد من الانتقال الى بند ايجاد الحلول والآليات واقرار الانظمة والتعليمات التي تمنع تكراره،وتضمن عدم استغلال مساحة قاعة مجلس الامة، "تحت القبة"،لتصفية حسابات شخصية،او للتعبير عن مواقف خلافية،او لفرض مواقف وآراء على الاخرين،او لأي سبب آخر،واقرار انظمة وتعليمات صارمة،تلزم النواب جميعا التحلي بالهدوء ونبذ العنف اللفطي اولا وقبل كل شيء،واحترام الرأي والرأي الاخر،وعدم الخروج عن اللياقة الحوارية والنقاشية ،وتقبل الطروحات والمقترحات والآراء ووجهات النظر المختلفة التوافقية والمتباينة برحابة صدر،والقبول برأي الاغلبية،وان تعارضت مع المواقف الشخصية والخاصة.

نريد الان حلولا وضمانات لعدم تكرار المشاجرات والعنف بجميع اشكاله،حتى تكون مخرجات مجلس النواب مقنعة وموثوقة ومقبولة شعبيا ورسميا.

شاهدنا وسمعنا مرارا تلاسنات حادة،وتهديدات وتحذيرات بين النواب لبعضهم البعض ،وموجهة من النواب لبعض الوزراء،وهذا لا يتفق مع مصالح الوطن العامة،ولا مع طموحات الشعب الذي ينتظر من مجلسه المنتخب،دورا وطنيا كبيرا في تسيير امور الحياة التشريعية والقانونية ،بما ينعكس بشكل ايجابي على حياة المواطنين الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والتنموية بشكل عام.

من الملاحظ خلال السنوات الاخيرة،التراجع المقلق في اداء وادوار مؤسسات مهمة واستراتيجية ،وصلت الى حد التفسخ والانقسام،وخاصة بعض مؤسسات المجتمع المدني،والنقابات المهنية على وجه الخصوص،مثل الاطباء والمهندسين وغيرهما،وهذا نذير يأس واحباط شعبي عام،الامر الذي يستدعي القيام بتحرك سريع وفعال ،تجاه لملمة الصفوف والتسامي فوق المصالح الحزبية والفكرية والايديولوجية،والحفاظ على النقابات المهنية وعلى دورها المهني الحرفي،والسياسي والوطني والقومي والاجتماعي،والحفاظ اولا واخيرا على مصالح اعضائها ومنسبيها.

لا يمكن البناء على ما هو قائم قبل اصلاحه وترميمه وصيانته بشكل جيد،واعداده لتحمل اي ادوار ومهام وواجبات اضافية مستقبلية ليستطيع مواصلة الدور المناط به بنجاح.