إدارة لمكافحة النصب والاحتيال والغش التجاري
م. وائل سامي السماعين
29-12-2021 04:43 PM
عمليات النصب والاحتيال والغش التجاري ظاهرة خطيرة موجودة في كل دول العالم وتؤرق الجهات الأمنية، والأردن ليس مستثنياً من هذه الظاهرة..!
برنامج الملف صفر الذي يبث على شاشة التلفزيون الأردني، كشف بعضاً من عمليات النصب والاحتيال والغش التجاري التي تمارس جهاراً نهاراً على طول البلاد وعرضها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر (مافيا) تزوير البضائع التجارية، النفايات الطبية، عمليات التجميل، فحص المركبات، والشعوذة، وغيرها الكثير من عمليات النصب والاحتيال على القانون والمواطنين، والتي تتطور أدواتها عاماً بعد آخر.
النصب والاحتيال لا يقتصر على فعل معين، بل يشمل جميع مناحي الحياة، ويستهدف جميع الناس من كل الخلفيات ومستويات الدخل، وحتى المؤسسات الكبرى تقع فريسة عمليات نصب كبرى بالتعاون مع موظفين داخل تلك المؤسسات.
وعلى صعيد الأفراد، البعض يتم اصطياده لشراء العقارات أو الدخول في صفقات تجارية وهمية، وآخرون قد يجرون ليصبحوا ضمن شبكات للتسويق التجاري لبعض المواد التجارية، أما البعض فيقع فريسة احتيال للكشف عن حساباتهم البنكية، وبعدها يتم سحب مدخراتهم، لأنهم يفشون معلومات حساباتهم المصرفية السرية لمتصلين يدعون أنهم من البنك الخاص بهم، أو أنهم موظفون تابعون لجهة حكومية.. فعلى سبيل المثال، قد يطرق باب بيتك شخص ما يدعي أنه يقوم بجمع المعلومات لمنتج معين لمعرفة رضا المستهلك، وهو في حقيقة الأمر يجمع معلومات شخصية يتم الاستفادة منها في وقت لاحق.
عمليات النصب والاحتيال لا تقتصر على الغرباء، بل كثير من العمليات يقوم بها أقارب أو اصدقاء الضحايا، لأنه في هذه الحالة تكون الثقة عالية بين الطرفين، ففي إحدى المرات سمعت من فتاة عشرينية على إحدى القنوات الإذاعية، بأن أحد الاصدقاء المقربين منها قام بأخذ المال الذي ورثته هي ووالدتها لاستثماره، ولكنهما اكتشفتا أنهما تعرضتا لعملية نصب واحتيال، حيث فر هذا الصديق بأموالهما خارج البلاد.
في بعض الدول هناك جهات عديدة وقنوات إبلاغ متخصصة في هذا الشأن، والتي تسمح بتلقي البلاغات عن عمليات النصب، والتي يتم إعادة نشرها على موقع متخصص في هذا المجال، لتحذير المواطنين من هذه العمليات، وخصوصا إذا كانت عمليات النصب مبرمجة وتدار من مجموعات، وتستهدف شرائح كبيرة في المجتمع وما أكثرها في هذه الأيام، وكذلك تسمح هذه القنوات بتقديم الاستشارات القانونية للعامة بالمجان، لتجنيبهم الوقوع فريسة سهلة لعمليات النصب والاحتيال.
جهاز الأمن العام في الأردن يحظى باحترام كافة المواطنين الأردنيين، وهو من أقوى الأجهزة الأمنية في الدول العربية لقدرته على الكشف عن الجرائم بزمن قياسي، وعدم إغفال أي ملف حتى يميط اللثام عنه، ويتشكل جهاز الأمن العام من مديريات وإدارات ذات اختصاصات مختلفة لمواجهة التحديات الكبيرة..
لكننا نفتقد إلى إدارة متخصصة في مكافحة النصب والاحتيال والغش التجاري، والتي من شأنها أن تساعد الناس على عدم الوقوع فريسة عمليات نصب واحتيال وغش تجاري، وكذلك تقديم المشورة والنصيحة عبر قنوات سرية لأي شخص يرغب في طلب الاستشارة القانونية أو النصيحة، وتقديم التوعية والإرشادات العامة للناس، وملاحقة النصابين والمحتالين وعمليات الغش التجاري لإحالتهم للقضاء.. فإدارة متخصصة في هذا المجال أصبحت ضرورة ملحة، قبل تفاقم الأمور إلى الحد الذي يعكس صورة سلبية عن مجتمعنا الأردني، ويهدد أمنه الاقتصادي.
الرأي