ترشح الموظف للانتخابات: بين الاستقالة والإجازة
عبد الكريم محسن ابو دلو
29-12-2021 03:15 PM
اتجهت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، إلى تبني موقفا جديدا فيما يخص ترشح الموظفين لعضوية مجلس النواب، باشتراط تقديم الموظف طلب إجازة دون راتب قبل تسعين يوما من موعد الاقتراع، استغناءً عن شرط تقديم الاستقالة، على أن يعتبر الموظف مستقيلا حكما من وظيفته بتاريخ نشر إعلان فوزه بالانتخابات في الجريدة الرسمية،.
وتم استثناء فئة معينة من الموظفين من هذا الحكم، بسريان شرط الاستقالة عليهم، منهم: الوزراء، القضاة، السفراء، الحكام الإداريون، شاغلو وظائف الفئة العليا، رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية، رئيس وموظفو وأعضاء مجلس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد.
والعبرة من ترك شرط الاستقالة لصالح الإجازة تحفيز أكبر شريحة ممكنة من المواطنين للترشح للانتخابات النيابية، وإتاحة الفرصة أمام الموظفين لممارسة حقهم الدستوري بالترشح لعضوية مجلس النواب.
لكن قانون الإدارة المحلية رقم 22 لسنة 2021، ظلّ محتفظا بالموقف التقليدي تجاه ترشح الموظفين، باشتراط استقالتهم للترشح لانتخابات مجالس المحافظات والمجالس البلدية، ورافقه بهذا التوجه قانون أمانة عمان.
أعتقد أن المشرع وافقه الصواب في قانون الإدارة المحلية وقانون أمانة عمان، باشتراط استقالة الموظف وعدم تبني شرط الإجازة لأسباب عديدة، من أهمها استقرار الإدارة العامة. فلو سمح القانون بإجازة الموظف الذي يرغب بالترشح لانتخابات مجالس المحافظات والمجالس البلدية، فقد يؤدي ذلك إلى ترشح عدد كبير من الموظفين؛ منهم قد تتوفر لديه الرغبة الجدية بالترشح وخوض الانتخابات، ومنهم قد يستغل هذه الفرصة القانونية للاستفادة من الإجازة دون راتب.
بقراءة رقمية، خاض انتخابات مجلس النواب التاسع عشر التي جرت العام الماضي حوالي (1674) مرشحا ومرشحة، تنافسوا على 130 مقعد.
وعليه، سيكون عدد الموظفين الذين يتوجهون إلى الترشح للانتخابات النيابية يتناسب مع عدد المقاعد النيابية، ومع ما تتطلبه هذه الانتخابات من قدرة على التنافس. مما يعني بالنتيجة عدم ترشح أعداد كبيرة من الموظفين لهذه الانتخابات، فجاء شرط الإجازة متناسبا مع هذه الحالة.
أما بخصوص انتخابات مجالس المحافظات والمجالس البلدية. ففي انتخابات عام 2017 تنافس (5815) مرشحا ومرشحة على 2009 مقعد.
وسيتوجه الأردنيون في 22/3/2022 لانتخاب مرشحيهم الذين سيتنافسون على (1426) مقعدا في مجالس المحافظات والمجالس البلدية.
يتبيـن من هذه الأرقام أن عددا كبيرا من المرشحين سيتنافسون على هذه الانتخابات، ولو أتيحت الفرصة للموظفين الترشح لهذه الانتخابات بشرط الإجازة دون راتب، سيترشح عدد وافر من الموظفين يتناسب مع عدد مقاعد مجالس المحافظات والمجالس البلدية، خاصة أن كلف هذه الانتخابات وما تتطلبه من نفقات للدعاية الانتخابية وغيرها من مستلزمات لا تكون بحجم ما يتطلبه خوض الانتخابات النيابية من نفقات. مما قد ينجم عنه خلل في استقرار الوظيفة العامة، وبمستوى الخدمة التي تقدمها الإدارة العامة، واستغلال الأطر الوظيفية في عمليات الانتخاب.
إن الفلسفة المتعمقة في قانون الانتخاب لمجلس النواب، تختلف عن فلسفة قانون الإدارة العامة، لاختلاف طبيعة وأهداف كل من هذين القانونين عن الآخر. فالقانون الأول طابعه سياسي، يهدف إلى تكوين مجلس نيابي يمارس المهام والواجبات الدستورية المتعلقة بشؤون الدولة، بينما يتسم قانون الإدارة المحليه بطابع تنموي، يهدف إلى تشكيل مجالس تقدم الخدمات المحلية وترقى بالمستوى التنموي لمختلف مناطق المملكة.
وعليه، فإن كان شرط إجازة الموظف يتوافق مع فلسفة قانون الانتخاب لمجلس النواب، فإن شرط استقالة الموظف هو الأكثر تجاوبا مع فلسفة قانون الإدارة العامة.
الدستور