الرغبة بالتغيير على أمل أن يأتي بالحل وتتحسن الأمور كنتيجة ثانوية للتغيير دليل نشاط وفاعلية .
من أبواب التغيير من أجل التغيير الانتقال من النقيض إلى النقيض. وينطبق ذلك على مجالات عديدة اود اليوم أن اقف عند واحد منها، وهو الانتقال بالاقتصاد الأردني خلال سنوات ماضية دفعة واحدة من حالة الانغلاق الكامل والأسوار الجمركية والحماية الإغلاقية إلى الانفتاح الكامل وهدم الأسوار الجمركية، والانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وعقد اتفاقيات تجارة حرة مع دول متطورة لسنا جاهزين للتنافس الحر لا في أسواقها ولا في أسواقنا.
النتيجة الطبيعية لهذه النقلة السريعة هي تضخم المستوردات، وخنق الصناعة المحلية التي نشأت في ظل الحماية لتجد نفسها مكشوفة دون معين.
بدأنا بالشراكة الأوروبية بموجب اتفاق غير متوازن يفتح أسواقنا لصناعاتهم بدون حدود، ولا يفتحون أسواقهم لزراعتنا إلا بموجب سقوف ومواسم، فهم يريدون حماية مزارعهم، ونحن لا نهتم بحماية مصانعنا. والمحصلة أن مستوردات الأردن من السوق الأوروبية تساوي 15 ضعف صادراتنا إليها. أما المنح المالية التي كنا نتوقع أن تعوضنا عن حالة عدم التوازن التجاري، فقد انخفضت عن مستواها السابق للشراكة!.
يبدو ظاهرياً أن اتفاق التجارة الحرة مع أميركا قد نجح بدليل الاقتراب من حالة التوازن في التبادل التجاري، ولكن هذا التوازن صوري، فقد اعتمد على صادرات المناطق الصناعية المؤهلة، وهي أردنية من الناحية الجغرافية فقط، ولكن عمالها وإدارتها ورأسمالها وموادها الخام مستوردة، مما يجعل صادراتها بمثابة إعادة تصدير.
بعد هذه التجارب المرة، عقدنا اتفاقيات تجارة حرة مع بلدان صناعية أكثر تقدماً منا مثل كندا، أو بلدان ذات إنتاج مدعوم بقوة مثل تركيا والسعودية، والنتيجة أننا نمثل الطرف الخاسر في جميع الحالات، مما يذكرنا باتفاقيات الإعفاء المتبادل من الضرائب على شركات الطيران مع بلدان ليس فيها ضرائب أصلاً!.
الراي.