غدا التحديث الإداري واجبا وطنيا وضرورة ملحة بعد الاخفاقات الكبيرة للجان شكلت سابقا لهذه الغاية ولم تفلح في تحديث المنظومة الإدارية بما يؤطر لتقدم ملموس يقضي على الفساد والبيروقراطية والترهل وهروب المستثمرين وتململ المراجعين للدوائر الحكومية وعدم انجاز معاملاتهم بسرعة ودقة تحقق الرضا العام.
ان بداية التحديث الإداري ينطوي على دراسة الواقع الإداري ونقاط ضعفه والإلمام بجميع مشكلاته من خلال دراسة التغذية الراجعة من المستثمرين ومراجعي الدوائر الحكومية للوقوف على حيثيات التقصير والعقبات التي تواجهه على صعيد القوانين والأنظمة والتعليمات وسلوك موظفي الإدارة العامة وطريقة تعاملهم مع المراجعين.
ويتبع ذلك وضع خطط واضحة ومفصلة ومربوطة بسلسلة زمنية للاعلان عن مخرجات التحديث والتطوير وتطبيقها على أرض الواقع واخذ التغذية المراجعة لهذا التطبيق والاستمرار في معالجة الثغرات التي تظهر اولا بأول ووضع البداذل المناسبة ورصد الأخطاء أينما وجدت وتفعيل المراقبة والمحاسبة والعقوبات.
ولعل من أولى الأولويات هي حسن اختيار الموظفين المبنى على الكفاءة والخبرة والتخصص ومن ثم اخضاع هؤلاء الموظفين لدورات تدريبية في الشأن المتعلق بعملهم كمتطلب اساسي قبل الولوج في ممارسة الوظيفة ومنها تدريبهم على آليات التعامل مع المواطنين من خلال منظومة القيم الأخلاقية وبشاشة الوجه ولين الجانب وسرعة الاستجابة والقدرة على اتخاذ القرارات وجرأة التنفيذ.
وينبغي ان تخضع العملية الإدارية والتعامل مع المواطنين في مكاتب خدمة الجمهور لرقابة الكميرات وتسجيل الصوت للكشف عن اية مخالفات او تعقيدات او تأخير او سوء معاملة وان يتم رصد الأخطاء وإنزال العقاب باصحابها وتفعيل صناديق الشكاوى وتفريغ محتوياتها ودراستها واتخاذ الإجراءات الصارمة حيال هذه المخالفات.
ولا بد لانجاح العملية الإدارية من تطوير القوانين والأنظمة والتعليمات واختزال الإجراءات وتسهيلها واختزال تعدد المرجعيات وكثرة التواقيع والاختام والتنقل بين الطوابق وتنظيم سير العملية الإدارية بسلاسة ويسر.
وهنا لا بد من قطع الطريق على الوساطات والمحسوبيات والرشاوى وقبول الهدايا بحيث يعتاد المواطن والموظف على أداء الواجبات بتجرد وموضوعية.ان عملية التحديث والتطوير الإداري ضرورة للتطوير الاقتصادي والسياسي وتشكل قاعدة مهمة لحسن الأداء والإنجاز والإنتاج وتحقيق رضا متلقي الخدمة بما يساهم في عملية التنمية المستدامة.